يُحكى أن ذئبا كان يهم بشرب الماء ورأى معزة أسفل مجرى الوادي وفكر في حيلة للانقضاض عليها وخاطبها قائلا: ”كفي عن تعكير صفو الماء لأنني أريد أن أشرب”، رغم استحالة وقوع ذلك، لأن الوادي يجري في اتجاه المعزة المسكينة التي تيقنت أن الذئب يختلق الأعذار لالتهامها. وهناك مثل شعبي قبائلي يقول كذلك ”آين يلّان فّوشّن أرّانث فّومكسا” (العار الذي كان على الذئب يحاولون تحميله للراعي”. وللبقاء في منطق الذئاب، يبدو جليا أن مؤيدي المرشح الرئيس يحاولون استعمال نفس الحيل ضد خصومهم بتأليب الرأي العام ضد من ينددون بالتزوير وحماية صوت الشعب، لتحويل الأنظار عن الأطراف التي تتأهب للتزوير وسرقة أصوات المواطنين كما تعودت على ذلك منذ أكثر من نصف قرن، ولقد تبين ذلك من خلال التجاوزات التي عرفتها عملية جمع الاستمارات والموافقة على ملف مرشح مريض. فمنذ متى أصبح الدفاع عن صوت الشعب والتحذير من التزوير جريمة؟ وكان لسان حال السلطة السياسية يقول: ”تزوير الانتخابات وسرقة أصوات الشعب مسألة فيها نظر والتنديد بالتزوير والسطو على سيادة شعب جريمة لا تُغتفر”.
وهذا القصف الإعلامي المكثف على مرشح معين هو إستراتيجية مدروسة لقلب الأدوار وتحويل الضحية إلى مذنب والمذنب إلى ضحية وتحميل المعزة مسؤولية تعكير صفو مياه الوادي لتسهيل التهامها من طرف الذئب، وتفادي تأنيب الضمير واحترام منطق قانون الغاب، الذي لم يتوان ممثلو المرشح الرئيس في استعماله لتبرير كل التجاوزات المسجلة، مكتفين عادة بالإجابة على مضض: ”نعرف أنه ليس أخلاقيا، لكنه قانوني”. وهو اعتراف ضمني بأن الخاسر الأكبر في الحملة الانتخابية والاستحقاقات الرئاسية القادمة ”هي الأخلاق والشرف”. فكيف يتم التأسيس لجمهورية ثانية بلا أخلاق ولا شرف؟ وحتى لو تم التراجع نهائيا عن الطابع الجمهوري للدولة الجزائرية ومباشرة إجراءات التأسيس لنظام ملكي فلا يمكن الاستغناء عن الأخلاق والشرف.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات