قامت كثير من العائلات الجزائرية، حتى في المدن الكبرى، بتخزين “العولة” تحسبا لما توعدهم به المروّجون للجحيم الذي سيلتهبون فيه بعد 17 أفريل إذا لم يختاروا من اختاروه لهم. فبعد نصف قرن من الاستقلال، عاد الجزائريون إلى ما قام به أسلافهم من تخزين السميد والزيت والسكر والحليب وغيرها، لكي لا يموتوا جوعا في بلادهم. هذه واحدة من نتائج الحملة الانتخابية التي أنتج التنافس فيها “الخوف”، لما شاهده الناس من “عنف” وما سمعوه من “وعيد”.تنتهي نهار غد الحملة الانتخابية، وتتنقل الأنظار إلى ما سيحدث في الخارج، ليس لمعرفة موقف القوى الأجنبية التي يظهر أنها لم تتخل عن تقرير مصير الجزائريين، ولكن إلى ما سيفعله الناخبون الجزائريون في المهجر.ولن تكون “اليتيمة” وحدها في الأيام القادمة لتحتكر، كما كانت تفعل في السابق، نقل مشاهد الزحام والطوابير الطويلة التي كانت تبثّها للناس، كما فعلت في كل المواعيد التي كان يقال لهم فيها إن البلاد في خطر، وتحثّهم بتلك الصور أن يختاروا ما اختارته “اليتيمة” وهي التي يعلم الجزائريون أنها لا خيار لها.في الأسابيع الثلاثة الأخيرة لم يستطع أحد حجب صور المطاردات والرشق بالحجارة والبيض والياغورت، التي تعرّض لها “جنود” العهدة الرابعة، مع ما كانوا يحظون به من حماية. ولا شك أن ما سيحدث قبل أن يخرج الناخبون في الجزائر إلى الصناديق يوم 17 أفريل سيكون حاسما، لأن الجزائريين الذين “هربوا من الجحيم” ليسوا كلهم على رأي “المواطن العالمي” الشاب خالد. كما أن الذين فضّلوا البقاء في بلادهم، رغم كل ما جنت عليهم، لم يفقدوا كلهم كل قواهم العقلية لتقنعهم ريم حقيقي ومن شابهها من الذين لا يهمّهم إلا ما يجنون من دينار بخياراتهم الشخصية التي هي حرة فيها.ولا أحد يقدر، بفضل ما يتوفر اليوم من وسائل لمتابعة حقيقة ما يحدث في كل شبر من العالم، أن يفبرك صورا سريالية، لناخبين فاقدي الوعي يصطفون في الطوابير ويضعون في الصناديق أوراقا لا يضمنون ظهورها يوم الفرز. مع كل التعاطف مع الذين ملأوا القاعات وتهافتوا على الموائد، ولم يتمكن من جمعوهم من أجل سماعهم من سماع خطاباتهم في كثير من ولايات الوطن وفي الخارج. وهو ما لم يعد مستحيلا مشاهدته، وصار في المتناول حين حدوثه وشاهده كل العالم معنا.من حق الناس أن تخاف في الجزائر. ومن واجب العائلات أن تخزن “العولة” لأن مروّجين لخطاب انتخابي توعدوهم بالجحيم إذا اختاروا غير ما اختاروه لهم، في زمن صارت فيه بلاد المليون ونصف المليون شهيد “مسخرة عالمية”. [email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات