من الطبيعي جدا أن نجد اليأس الاجتماعي محصورا في فئة قليلة من المجتمع، لكنه عندما يصبح ظاهرة عامة فإنه ينبؤ بحدوث اضطرابات وقلاقل.. هذا ما يؤكده الواقع الاجتماعي لأغلب فئات المجتمع الجزائري اليوم، وهي ظاهرة كوّنت رأيا عاما، فالكل متذمر من الواقع؛ متذمر من المنشأت الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية.. كل الناس تنتظر الجديد الذي يخدم المجتمع، ولا جديد إلا جديد صنع اليأس الاجتماعي الذي يتولد عنه اليأس السياسي والأفق المسدود. اليأس هو القاسم المشترك الذي تصنعه الحكومات المتعاقبة، وكأن الحكومات تسيّر مقبرة مهمّتها قراءة خطب التأبين، فلا تلتقي الحكومة بالواقع الحياتي للمواطن إلا في الجنائز عندما يموت زعيم تاريخي أو مجاهد معروف، وفي عيون المواطن أمنية واحدة وهي أن تقبر هذه الحكومات!! وقبل أن تتأزم الأمور فالفرصة مواتية للإصلاحات، أي إعادة ترتيب القوى الداخلية الصامتة حينها تتلاشى القوى الفاسدة التي جعلت الوطن سجلا تجاريا تهرب أمواله للخارج، بل أصبحت الجزائر اليوم عبارة عن بنك متاح لكل من يتقن فن السرقة واللصوصية. المسؤولية اليوم مسؤولية النخبة المثقفة، التي تنير الرأي العام، وتعكس الواقع المسدود، صرخة هؤلاء الكتاب هي الأقوى من كل سلاح هي صرخة تصل مسامعها إلى دواليب الحكم تحذره بأن الواقع على فوهة بركان، فتجعله يسرع في الإصلاحات، إصلاحات تكون فيها الهيئة القضائية والتنفيذية والتشريعية مستقلة، وكذا ضمان حقوق الإنسان وحرية الصحافة وشبكة الأنترنت، فيصبح المجتمع والسلطة في تناغم وتعاون. إصلاحات تقرّب الهوة بين الحاكم والمحكوم. إصلاحات تزيل فكرة: مجتمع فقير في دولة غنية. إصلاحات تجعل المجتمع يشعر بأنه ليس هناك استعمار داخلي. إصلاحات يرى المجتمع بكل فئاته نفسه فيها. إصلاحات تكسر أجنحة اليأس وترسم خريطة الوطن فيها ملامح للتفاؤل، وتزرع فيها بذور الكرامة وتحصد فيها الأجيال الصاعدة مستقبلها. إصلاحات فيها مساحات الأمل متسعة للجميع، والكفاءة وحدها هي المنافس الوحيد لنيل المسؤوليات من القاعدة إلى القمة، ولا ولاء إلا للوطن. وعاش الوطن برجاله المخلصين، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات