+ -

 تدل كل المؤشرات، اليوم، أن الجزائر مقبلة على فترة عصيبة تتطلب الكثير من الحكمة والتبصر، ليس من النظام الحاكم، لكن من طرف الشعب، الذي يُدفع دفعا من أجل الخروج إلى الشارع، بممارسة كل أنواع الاستفزازات، التي تشير إلى أن هذا النظام الذي وصل إلى نهايته، يبحث عن مخرج لإعادة بناء ميكانيزمات جديدة، من أجل التحكم في مقاليد الدولة، خاصة بعد أن دخل المال ورجال الأعمال كطرف في لعبة الحكم، وإعادة إنتاج خطاب جديد لا يهم فيه الشعب، بقدر ما تهمّه الواجهة الخارجية وتوازن القوى داخليا وخارجيا وحماية مصالحه ومصالح من يؤيده. لأجل ذلك هو في أزمة داخلية قوية ستكون وبالا على الجزائر، إن استطاع أي طرف في النظام جر الشعب وتوريطه في هذا الصراع، ثم استعماله من أجل إعادة صياغة هذا الخطاب، وقد سبق للجزائر أن مرت بنفس التجربة سنة 1988، عندما اشتد الخناق بين المتصارعين، وكان لزاما الخروج من النظام الاشتراكي والتوجه إلى النظام الرأسمالي، وفتح السوق للأموال المنهوبة التي كانت نتيجة فساد أطراف في الدولة. والفساد الذي عرفته الجزائر خلال 15 سنة أيضا يبحث عن مخرج، وما سمي بالربيع العربي وإحداث الفوضى وقلب كل الموازين هي أكثر الطرق نجاعة بالنسبة للأنظمة التي تُحتضر، من أجل إعادة إنتاج خطابها. وإن كان ما حدث في مصر بعد “ثورة يناير” دليلا على أن النظام تفاجأ، ولم يكن متحضرا جيدا لاحتواء الوضع، لكنه راجع حساباته بعدها بما يتناسب مع الوضع الجديد، حيث أعاد صياغة واقع ينقذه من الزوال، حتى وإن دفع الشعب ثمنه إلى اليوم، وهو دليل أيضا على أن النظام في مصر الذي وصل إلى طريق مسدود، بعد أن استنفد قواه الداخلية، أحدث القفزة الجديدة، بأن صاغ خطابا جديدا يقوده المشير السيسي الذي يقدم كـ”المسيح المخلص”، فإن النظام الذي يتهم بعض الشباب بالتواطؤ مع الأيادي الخارجية ومحاولة المساس باستقرار الجزائر، يعلم أن الشعب الجزائري لا يحتاج إلى حملة انتخابية للخروج إلى الشارع، بل إن الجميع يصعب عليه توقع ردة فعل هذا الشعب ومتى، وهو ليس متحمسا لما يسمى بالربيع العربي، لكن يبدو أن هذا النظام هو الذي يدفع بالشعب للخروج إلى الشارع، لأنه يعرف أن التغيير قادم ولذلك هو يريد أن يستبق الأمور، ويقود التغيير بنفسه حتى لا يفاجأ بوضع لا يعرف التحكم فيه، ولا يتحكم في مفاصله ومحركيه، ما قد يجعله ينهار ويخسر مواقعه في الدولة، أو يضطر لقبول تسويات هو في غنى عنها[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات