+ -

 يشتمل القرآن على أكمل ما يعرفه رجال الدّين في عصر سيّدنا محمّد وبعده، فقد اشتمل على أحكام وتشريعات لا يمكن أن تكون مستمدّة من الرّاهب بحيرى أو غيره، بل القرآن تراه كثيرًا ما يخالف العهدين القديم والجديد فيما يذكران من الحوادث التّاريخية والدّينية.نزلت آيات القرآن الكريم على حسب الحوادث والوقائع، وكانت مدّة النزول القرآني ثلاثة وعشرين سنة، فلم يأت سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم بالقرآن جملة واحدة كالكتب المتعارف عليها ينْكبُّ الأديب عليها فترة من الزّمن ثمّ يقدّمها للقرّاء بعد التّنقيح وإمعان الفكر، وهذا ممّا ينفي أن يكون القرآن مستمدًا من أحد أو من ذاتية سيّدنا محمّد، بل هو وحي إلهي أوحاه اللّه لمحبوبه ونبيّه الكريم ورسوله إلى الخلق أجمعين سيّدنا محمّد عليه أفضل الصّلاة وأزكى التّسليم. ثمّ لو ثبت ما يدّعونه لاتّخذه أعداؤه من المشركين شبهة يحتجّون بها على أنّ ما يدّعيه من الوحي قد تعلمه في الشّام من النّصارى واليهود. فالشُّبهة الوحيدة في هذا الباب الّتي أخذها عليه أعداؤه من قومه هي: أنّه كان يجتمع بحبر النّصراني وكان يقرأ التوراة والكتب بلسانه، فردّ القرآن عليهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يَعْلمُهُ بشر، لِسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} النّحل:103.وأمّا ما كان فقد ردّ عليهم الردّ البسيط الواضح الذي لا يحتاج إلى جدل، فكيف يمكن لمَن لسانه أعجمي أن يَعلم سيّدنا محمّدا هذا الكتاب العربي المبين. وهذه المقالة منهم يصعب حملها على الجِدّ، وأغلب الظنّ كما قال سيّد قطب رحمه اللّه أنّها كيد من كيدهم الّذي كانوا يدبرونه وهم يعلمون كذبه وافتراءه. وإلّا فكيف يقولون وهم أخبر بقيمة هذا الكتاب وإعجازه أنّ أعجميًا يملك أن يعلم محمّدًا هذا الكتاب ولئن كان قادرًا على مثله ليظهرن به لنفسه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: