قصّة زكريا عليه السّلام في القرآن

+ -

 اجتهد سيّدنا زكريا عليه السّلام في الدُّعاء بأن يرزقه اللّه الولد، لا من أجل شهوة دنيوية، وإنّما من أجل مصلحة الدّين، والخوف من تضييعه وتبديله، والحرص على مَن يرثه في علمه ونبوته، ويكون مَرضيًا عند خالقه.قال اللّه سبحانه وتعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ} آل عمران:39، ذكر بعض أهل العلم أنّ المراد بالملائكة هنا: جبريل، واستدلّوا لذلك بأنّ اللّفظ في العربية قد يطلق ويُراد به الواحد، بيد أنّ للطّبري رأيا آخر، حيث يقول: “الصّواب.. أنّها جماعة من الملائكة دون الواحد، وجبريل واحد. ولا يجوز أن يحمل تأويل القرآن إلّا على الأظهر الأكثر من الكلام المستعمل في ألسن العرب، دون الأقل، ما وجد إلى ذلك سبيل. ولم تضطرنا حاجة إلى صرف ذلك إلى أنّه بمعنى واحد، فيحتاج له إلى طلب المخرج بالخفيّ من الكلام والمعاني”.وقوله تعالى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} مريم:7، أي: لم نجعل أحدًا من قبلُ مشاركًا له في هذا الاسم، بل هو أوّل مَن تسمّى بهذا الاسم الجميل. قال الشّنقيطي: “وقول مَن قال: إنّ معناه لم نجعل له سميًّا، أي: نظيرًا في السُّمو والرِّفعة غير صواب؛ لأنّه ليس بأفضل من إبراهيم وموسى ونوح، فالقول الأوّل هو الصّواب”.فإن قيل: ما المراد باستفهام زكريا في قوله: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} آل عمران:40، مع علمه بقدرة اللّه على شيء؟ فالجواب: أنّ استفهامه إنّما هو على سبيل الاستعلام والاستخبار؛ لأنّه لم يكن يعلم أنّ اللّه سيرزقه بـ«يحيى” عن طريق زوجته العاقر، أو عن طريق الزّواج بامرأة أخرى، فاستفهم عن الحقيقة ليعرفها. ويجوز أن يكون المقصود بالاستفهام التعجّب والسّرور بهذا الأمر العجيب الخارق للعادة، رزقه اللّه الوَلد مع تقدّم سنّه وسنّ زوجته.ويجوز أن يكون المقصود بالاستفهام الاستبعاد لمَا جرت به العادة من أن يأتي الغلام مع تقدّم سنّه وسنّ زوجته، وليس المقصود استحالة ذلك إلى قدرة اللّه تعالى؛ لأنّه لا يعجزه سبحانه شيء في الأرض ولا في السّماء.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: