تأمّــــــــــلات في ســـــــورة المُزمِّــــــــــــــل

+ -

 قال اللّه تعالى: {إِنّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الّذِينَ مَعَكَ} الآية:20.يقول الأستاذ راتب النابلسي: قوله: {إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ} يعني أنّه يعلم عمل الإنسان وعبادته. ولهذه الآية معنى ضيّق ومعنى واسع. فالمعنى الضيّق: أنّ اللّه يعلم أنّك تقوم اللّيل، ويعلم مقدار اللّيل الّذي تقوم فيه. والمعنى الواسع: إنّ اللّه يعلم عملك وعبادتك وصلاتك وصيامك وإنفاقك، فهو يعلم عمل الإنسان بأوسع معانيه، فيعلم حقّ العِلم خلفية هذا العمل كما يعلم بواعثه ومؤدّاه وغايته، ويعلم حجمه ومقدار التّضحية في سبيله، ويعلم العوائق والصّوارف، فقد تنفق في هذا العمل درهمًا، وقد تنفق مائة ألف درهم، وقد يكون الدرهم أكبر عند اللّه من مائة ألف درهم، ورُبّ درهم أنفقته في إخلاص خير من مائة ألف درهم أنفقته في رياء، ودرهم تنفقه في حياتك خير من مائة ألف درهم تنفق بعد مماتك، فالمعنى الضيّق هو أنّ اللّه سبحانه وتعالى يعلم أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام يقوم أكثر من ثلث اللّيل، أو يقوم نصفه أو أقلّ من ثلثيه، فيعلم قيامه في اللّيل ويعلم مقدار قيامه من اللّيل، أمّا لو وسعنا مفهوم هذه الآية لقلنا: إنّ اللّه يعلم حجم عملك وما خلف هذا العمل من نوايا، وما أمام هذا العمل من أهداف وما رافق هذا العمل من تضحيات، وما كان أمام العمل من عقبات، وما كان جانبه من صوارف، فهذا كلّه يعلمه اللّه عزّ وجلّ.فيا أيّها المؤمن إنّك لا تحتاج مع اللّه إلى إيصال ولا إلى سند ولا إلى قسم ولا إلى يمين ولا إلى شهادة حسن سلوك، لأنّ اللّه يعلم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات