منذ نشأة الدولة بالمفهوم الحديث، كحلقة في سلسلة من التحولات الاجتماعية العميقة التي عرفتها أوروبا بخصوصياتها الفكرية ومواصفاتها الحصرية ضمن نسق سوسيوتاريخي محدد، وبتساند وظيفي لقرون من فكر التنوير الذي أفرز مفهوم العقد الاجتماعي وتمايز الدولة عن المجتمع، بما فسح المجال للارتقاء المستمر لفضاءات الحرية ومنابرها وآلياتها، برزت آلية الحركات الاجتماعية كظاهرة اجتماعية تجسد فعلا جمعيا مطلبيا، تواجه هيمنة المؤسسات الرسمية للدولة بشكل سلمي، وتتبنى نمطية فكرية محددة تشكل مرجعيتها الفكرية، تعبر عن تطلعات فئة محددة واسعة نسبيا، تناضل من أجل تحققها، وتلتزم بذلك أخلاقيا، بما يحدث التوازن بين مختلف الأنساق المجتمعية، ويمنع “تغوّل” الدولة الرسمية، ويقنن السلطة التي ملكتها أصلا بالشرعية الشعبية المحققة بالأدوات الديمقراطية المعروفة.
إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ما يجعل الحركات الاجتماعية من كوابح السلطة وما يصاحبها من احتكار المكان والسوق والعملة والقوة، فتشكَّل فضاء مجتمعي متخصص للتعبير عن رفض نظام الهيمنة وكشف التناقضات الناتجة عنه في حق فئة بعينها، ويتناسب تعددها طرديا مع منسوب الحرية المتاح، كما يكشف عن التنوع الفكري والاختلاف الأيديولوجي .
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات