+ -

 عنِ الحسن بن عليّ سِبْطِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورَيحَانَتِهِ رضي الله عنهما قال: حَفِظْتُ مِنْ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم: “دَعْ مَا يُريبُكَ إلى ما لاَ يُرِيبُكَ” رواه النسائي والترمِذي، وقال: حَسَنٌ صحيحٌ .يُرشدنا هذا الحديث إلى الوُقوف عند الشُّبهات واتّقائها، فإنّ الحلالَ المحض لا يَحْصُلُ لمؤمن في قلبه منه ريب، والريب: بمعنى القلق والاضطراب، بل تسكن إليه النفسُ، ويطمئن به القلبُ، وأمّا المشتبهات فيَحْصُل بها للقلوب القلقُ والاضطرابُ الموجب للشك.قال أبو عبد الرّحمان العمري الزّاهد: إذا كان العبدُ ورعًا، ترك ما يُريبُه إلى ما لا يُريبُه. وقال الفضيلُ بن عياض: يزعم النّاسُ أنَّ الورعَ شديدٌ، وما ورد عليَّ أمران إلّا أخذتُ بأشدِّهما، فدَع ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك. وقال حسّانُ بن أبي سنان: ما شيء أهون من الوَرَع، إذا رَابَك شيء فدَعْهُ.ورويَ عن أمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله عنها: أنَّها سُئِلَت عن أكل الصّيدِ للمٌحرِم، فقالت: “إنَّما هي أيّامٌ قلائل فمَا رَابَك فدعه”، يعني: ما اشتبه عليك، هل هو حلال أو حرام، فاترُكه، فإنَّ النّاسَ اختلفوا في إباحة أكل الصّيد للمحرم إذا لم يَصِدْه هُوَ.ينبغي على المؤمن التفطُّنُ لمثل هذه الأمور، والتّوقُّف عن الشُّبهات إنَّما يَصْلُحُ لمَن استقامت أحواله كلّها، وتشابهت أعمالُه في التّقوى والوَرَع، فأمّا مَنْ يقع في انتهاك المُحرَّمات الظاهرة، ثمّ يُريد أنْ يتورَّعَ عن شيء من دقائق الشُّبَهِ، فإنَّه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكر عليه، كما قال ابنُ عمر رضي الله عنهما لمَن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: “يسألونني عن دم البعوض وقد قتلُوا الحُسين، وسمعتُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: “هُمَا رَيحَانَتاي منَ الدُّنيا” أخرجه أبو داود وأحمد والبخاري في الأدب المُفرَد والنّسائي وأبو يعلى وابن حبّان والطّبراني وأبو نُعيم والبغوي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات