تأمّــــــــــلات في ســـــــورة الزَّلزلــــــــــــــة

+ -

 روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنْهُما قال: أتَى رجُلٌ رسولَ الله، صلّى الله عليْه وسلّم، فقال: أَقرِئْني يا رسول الله، قال له: “اقْرأ ثلاثًا من ذات [ألر]”، فقال الرّجل: كَبِرتْ سنِّي، واشتدَّ قلْبي، وغَلُظ لساني، قال: “فاقرأ من ذات [حم]”، فقال مثل مقالته الأولى، فقال: “اقرأ ثلاثًا من المُسبّحات”، فقال مثلَ مقالتِه، فقال الرَّجُل: ولكن أقْرِئْني يا رسول الله سورةً جامعة، فأقرأه: “[إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ]، حتَّى إذا فرغ منها”، قال الرَّجُل: والَّذي بعثَك بالحقِّ، لا أزيد عليها أبدًا، ثمَّ أدْبَر الرَّجُل، فقال رسولُ الله، صلّى الله عليه وسلّم: “أفلح الرُّوَيجل، أفلح الرُّويجل”.فقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} قال ابن عبّاس: أي تحرَّكتْ من أسفلها. {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} يعني: ألْقتْ ما فيها من الموتَى. {وَقَالَ الْإنْسَانُ مَا لَهَا} أي: استنكر أمْرَها بعدما كانتْ ساكنة ثابتة، وهو مستقرٌّ على ظهرها؛ أي: تقلَّبت الحال، وصارتْ متحرِّكة مُضطربة، قد جاءَها من أمر الله تعالى ما قد أعدَّه لها من الزِّلزال الَّذي لا محيدَ لها عنه، ثمَّ ألْقت ما فيها من الأموات من الأوَّلين والآخرين، وحينئذٍ استنكر النَّاس أمرها. {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} أي: تحدِّث بما عمل العامِلون على ظهْرِها. {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} قال ابن عبَّاس: “أوحى لها؛ أي: أوحى إليْها”، قال ابنُ كثير: والظَّاهر أنّ هذا مُضَمَّن بمعنى أذن لها. {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} أي: يخرجون إلى موقِف الحساب أشتاتًا؛ أي: أنواعًا وأصنافًا ما بين شقيّ وسعيد. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} أي: ليُجازوا بما عمِلوا في الدّنيا من خيرٍ أو شرٍّ. ولهذا قال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.والذَّرَّة هي أصغر النَّمل، فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيَّن في هذا الحديث أنّ هذه السّورة جامعة ومبيِّنة للخير والشَّرّ، فمَن عمل خيرًا أراد به وجه الله، أُثيب عليْه، ومَن عمل شرًّا عوقب عليه يوم القيامة، وفي الصحيحَين من حديث عديّ مرفوعًا: “اتَّقوا النَّار ولو بشقّ تَمرة، فمَن لم يجد فبكلمة طيّبة” أخرجه مسلم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: