المتنبي يغطي الحملة

 لو عاش المتنبي لزماننا ورأى مهازل ما يحدث في حملة الجزائر الانتخابية، لحوَّر بيته الشعري الخالد عن مصر، ليقول هذه المرة غير مبال بالكسر الذي قد يلحق بالبيت: وكم ذا بالجزائر من المضحكات.. ولكنه ضحك مثل البكاء.ضحك من بلد رئيسها  يجمع 4 ملايين  استمارة للترشح في 5 أيام، في إدارة يشتكي مدير حملته من بيروقراطيتها المدمرة وثقلها القاتل!ضحك من بلد رئيسها لا يقدر على الحركة ومصاب بجلطة في الدماغ،  لكن عقله بتعبير بن يونس أحسن من عقول جميع الجزائريين !ضحك من بلد فيها رئيس مترشح لأول مرة في التاريخ لا يعنيه تقديم حصيلته للشعب أو القيام بحملته الانتخابية  حتى صارت مضرب الأمثال بين الأمم !ضحك من بلد، يقول مجلسه الدستوري أن صحة المترشح الرئيس “بم” رغم أنه لا يقدر على الحركة ولا يهمس سوى بحشرجات كلام !ضحك من بلد الرئيس غائب فيها منذ أكثر من سنة  بالجسد ومنذ عهدة كاملة بالتأثير، وهو مع ذلك بتعبير سعداني “ماضي وحاضر ومستقبل الجزائر” !ضحك من بلد .. لا يسمع الناس لرئيسها رؤية أو تحليلا أو استشرافا، لكنه حسب وزير المجاهدين الضامن للأمن والاستقرار والاستمرارية.. من بلد لا يستحي فيها أحدهم أن يقول سأنتخب بوتفليقة حيا أو ميتا !ضحك من بلد قال رئيسها ذات يوم “طاب جناني” لما كان بكامل صحته.. ثم يوم هلك هذا الجنان قرر أن يطلب العهدة الرابعة !ضحك من بلد يقال إن حياد وسائل الدولة فيها مضمون،  ووزراءها يجوبون الولايات للدعاية، وتلفزيونا يبث رسائل الرئيس الحبلى بالوعود الانتخابية لأكثر من نصف النشرة !ضحك من بلد تمنع فيه القوانين أن يُصرف في الحملة الانتخابية أكثر من 6 ملايير، لكن تظهر فيه قنوات “البروباغندا” و«يرشق” فيه رجال الأعمال مرشح مصالحهم بالملايير !ضحك من بلد تقام فيه المشاريع بسواعد الشركات الأجنبية، وتدفع تكاليفها بأموال البترول التي أودعها الله في باطن الأرض.. ثم ينسب الإنجاز للرئيس !ضحك من بلد سيكون قد صرف 1000 مليار دولار في 2019، ولا يقدر على إنتاج أعواد تنظيف الأسنان أو كياسات الحمام ويتباهى باستيراد أوراق التواليت !ضحك من بلد يقول وزيره للتربية كلاما يعاف ترديده حتى المسطولون من الدروشة:  نزول المطر وسعر البترول من بركات بوتفليقة !رحم الله أبا الطيب فقد عبر في سطر عما نبكيه من ضحكنا.