إذا صح ما أعلن من أن الرئيس بوتفليقة يكون قد أمر بتجميد عملية استغلال الغاز الصخري في الصحراء.. فهذا القرار يكون عين العقل، وليس عيبا أن تستجيب السلطة لمطالب شعبها في الجنوب... إنما العيب هو التمادي في “دس” السلطة لرأسها في رمال الصحراء أمام الاحتجاجات الجدية التي تواجه الحكومة في مناطق الجنوب.الأصل في الأمر أن تستشير السلطة السكان عند الإقدام على تنفيذ مثل هذا المشروع في منطقة حساسة من الوطن، بها مياه تعد المستقبل الفلاحي للبلاد برمتها.ولسنا ندري لماذا تقوم الدول التي تحترم نفسها باستشارة المواطن حتى في فتح محل حلاقة في سياق صيغ “تحريات الجدوى” حتى لا تزعج السكان... ولا تقوم الحكومة في الجزائر بدراسة الجدوى مع السكان في مشروع كهذا، وعلى هذا القدر من الأهمية والخطورة.الغريب في الأمر أن الويزة حنون زعيمة حزب العمال التي تعطي الصحافيين الدروس في كيفية ممارسة مهنتهم بنجاح قالت: “إن الدولة غير مجبرة على استشارة السكان في هكذا مشروع”! ولسنا ندري هل تستشير الدولة شعب فرنسا أم شعب الطوغو ! في جدوى هذا المشروع.المشكلة ليست مشكلة الحكومة وحدها، بل مشكلة مثل هذه الأحزاب التي لا تعرف مهمتها... فالمشروع مر في البرلمان بطريقة التهريب، والأحزاب لم تقم بدورها عبر النواب في فتح نقاش حول الموضوع، والفشل ليس فشل الحكومة وحدها، بل الفشل هو أيضا فشل الأحزاب التي لم تتحسس خطورة المشروع على السكان.مشكلة البلاد ليست في وجود حكومة “تعبانة” لا تعرف ما تفعل ولا تحترم الشعب، ولا تعير أي اهتمام لمطالبه، بل الأمر أيضا يكمن في وجود أحزاب هزيلة سياسيا يصل بها الحال إلى حد تأييد الحكومة في عدم استشارة الشعب في إنجاز مشاريع تخصه وتخص مستقبله.الحكومة تعطي الاعتماد لأحزاب ليس لها وجود شعبي، وتعيّن النواب عبر هذه الأحزاب بواسطة التزوير بالكوطات، وتعيّن الوزراء بلا سند سياسي ولا معرفي بالقطاعات التي يديرونها ولا يعرفون حتى مطالب ورغبات الشعب. لهذا تجد حنون مسألة عدم استشارة السكان في عين صالح والشعب ككل في مشروع الغاز الصخري مسألة عادية! بل وترى أنه من واجب الحكومة أن لا تستشير هؤلاء؟!كل البناء المؤسساتي في الجزائر من الحكومة إلى البرلمان إلى الأحزاب، هو بالفعل بناء غير قانوني وبناء فوضوي، يتطلب إعادة بناء كل شيء.. وقد بينت أحداث الصحراء بأنه لا توجد حكومة ولا توجد أحزاب ولا يوجد برلمان... وكل ما هنالك وجود الشرطة والجيش ورئيس مقعد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات