حذّرت وزارة المالية، عبر توصيات وجهتها المديرية العامة للميزانية إلى الحكومة، من ارتفاع النفاقات العمومية واحتمال تعرض التوازن العام خلال السنة المقبلة إلى اختلال يدفع الخزينة العمومية إلى ”عجز” في تحمل الإنفاق على تكاليف التجهيز والتسيير، ويلوح إلى المخاوف التي أطلقها ممثل صندوق النقد الدولي زين زيدان في الجزائر، بشأن عودة محتملة لاستدانة الجزائر من الخارج في حال استمرار السياسة المنتهجة.ودعت وزارة المالية الحكومة إلى ضرورة تبني جملة من الإجراءات الوقائية في خطوة استباقية للتقليص من العجز المسجل على مستوى الميزانية، بسبب ارتفاع الإنفاق العام خلال السنوات القليلة الماضية، في إشارة إلى المخاوف المرتبطة بتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، كونها تمثل ما يفوق 97 في المائة من الدخل الوطني، مقابل توقعات في تواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ما بعد السداسي الأول من السنة الجارية، لتصل إلى حدود 30 في المائة، ستكون وراء ارتفاع فاتورة الاستيراد إلى مستويات غير مسبوقة تؤدي إلى عجز كبير في الميزانية العامة.وعلى الرغم من المخاوف التي تواجهها في إثارة الجبهة الاجتماعية، ستتجه الحكومة نحو التخفيف تدريجيا من النفقات المرتبطة بالتحويلات الاجتماعية عبر مراجعة سياسة الدعم التي ”تلتهم” 30 في المائة من الميزانية العامة، بالإضافة إلى النفقات على أجور الموظفين، على أن ذلك لن يتم عن طريق إعادة سيناريو تسريح العمال وإحالتهم على البطالة، وإنما من خلال عدم فتح مناصب مالية جديدة والاعتماد على التقليل من تعويض الموظفين المحالين على التقاعد، في سياق المواصلة في نفس الصرامة المنتهجة في السنة الماضية، مع تحدي ضمان تغطية الاحتياجات غير قابلة للتقليص والمتزايدة باستمرار عند مختلف القطاعات، إذ تؤكد إحصائيات وزارة المالية أن الخزينة تنفق 2865 مليار دينار لتغطية منح الأنظمة التعويضية.وفي وقت استبعد خبير الشؤون الاقتصادية فارس مسدور، في تصريح لـ«الخبر”، لجوء الجزائر إلى الاستدانة الخارجية لتغطية النفقات خلال الخمس سنوات المقبلة، بالنظر الاستقرار النسبي الذي تشهده أسعار المحروقات، وأن الجباية البترولية تغطي الكثير من النفقات، أكد بالمقابل عدم وجود ”رشادة” في سياسة الحكومة في الإنفاق العمومي، لاسيما على المشاريع القاعدية الكبرى التي تتضاعف تكاليف انجازها، في ظل ـ كما أضاف ـ عدم وجود قاعدة للبيانات من شأنها التحكم في مستويات الإنفاق، ومن ثمة عدم تحمل زيادات محتملة في أجور الموظفين تحت ضغط الطبقة الاجتماعية، في إشارة إلى أن مخاطر الاستدانة يبقى محتملا على المدى المتوسط أو البعيد.وتبنى قانون المالية الأخير هذا التوجه من خلال أحكام تهدف إلى خفض الواردات والتقليص من الأعباء الجبائية وتسهيل الحصول على السكن، وتعزيز أحكام الرقابة الجبائية، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف إجراءات الاعتماد لصالح مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار برؤوس أموال أجنبية، بينما سيتم إلغاء إخضاعهم الإجباري للدراسة المسبقة من طرف المجلس الوطني للاستثمار، باعتبار أنه سبب هام في تعطيل مسار إنشاء المؤسسات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات