سواء تعلق الأمر بالشرطة أو الدرك الوطني، فإن ما يتعرض له المواطنون في الشوارع من اعتداءات يومية عليهم وعلى ممتلكاتهم، مع ما يرافق ذلك من تراجع في الحس المدني لديهم بفعل الفشل في توقيف الجناة أو على الأقل منع تكرارها (الاعتداءات)، يؤشر بشكل واضح على درجة الإحساس بالخوف عند الأفراد.لقد صار القتل يتم لأتفه الأسباب، وأصبحت مصالح الأمن المختلفة لا تجد ما تجيب به المواطن على الميدان، سوى تسيير الدوريات في الشوارع ليلا ونهارا بعد وقوع الجريمة، في محاولة منها لإعادة الطمأنينة إلى النفوس.ومن المشكلات التي يعاني منها السكان، على سبيل المثال لا الحصر، الاعتداء على الممتلكات، والتي تقف معها الشرطة ومصالح الدرك عاجزة تماما عن إيجاد الجواب على تساؤلات وشكاوى المواطنين الضحايا، وكأن المجرم شبح يصعب تحديد موقعه، الأمر الذي أدى مع مرور الوقت إلى تراجع الثقة بين الطرفين.في العام 2011 مثلا، ارتفع معدل جرائم القتل العمدي بنسبة 15 بالمائة مقارنة مع السنة التي قبلها، وأغلب الجرائم وقعت في الجزائر العاصمة، حسب مصالح الدرك الوطني.وما يزيد من القلق، أن الوسط العائلي أصبح مسرحا للجريمة بشكل ملفت، وفي مقدمتها الجرائم الأخلاقية والاعتداءات ضد العائلة والآداب العامة.وعن أسباب تفشي القتل العمدي بهذه الوتيرة المخيفة، يقول مصدر أمني إنها ‘’ترجع إلى طبيعة الفرد الجزائري الذي يتميز بعصبية شديدة في مواجهة أي مشكل ودمه (حامي)’’، مستدلا بالخلافات التي تحدث في الوسط العائلي لأتفه الأسباب، مثل نزاع حول قطعة أرض أو سوء تفاهم بسبب نتيجة مباراة في كرة القدم.مختلون عقليا ومدمنون في قفص الاتهامومن الإجابات التي لا تكاد تشفي غليل المواطن وتعيد الطمأنينة إلى نفسه، ما تكرره مصالح الأمن في الندوات الصحفية والمنتديات الإعلامية، من أن منفذي مختلف الجرائم المرتكبة أشخاص مدمنون على المخدرات أو المهلوسات أو الكحول أو مختلون عقليا، ليترك المواطن ينزوي بمنزله ويتفادى الخروج في المساء مخافة تعرضه لمكروه، بسبب فلول المدمنين الذين يحاصرون مداخل العمارات وزوايا الشوارع يترصدون الفريسة، ولا يكاد يحرك ساكنا إذا ما صادف بصره تعرض جاره للاعتداء أو السطو على منزله! مفضلا الاستسلام لمبدأ “اللي خاف سلم” و”تخطي داري”.كذلك من علامات انعدام الشعور بالأمان، قوافل الآباء والأمهات التي ترافق الأبناء إلى المدرسة التي تحولت من منارة لتلقين العلم إلى ساحة لممارسة البلطجة من طرف مراهقين يتسكعون على أرصفة المؤسسات يمارسون الابتزاز على مرأى ومسمع الجميع.أين الفعالية؟وما يزيد من حيرة المواطنين، هذا الكم الهائل لرجال الشرطة في الشوارع ومفترقات الطرق وبمحاذاة الأسواق، ونفس الملاحظة تنسحب على الدرك الوطني في المناطق غير الحضرية.. ومع ذلك، فإن الكثير من الناس يتساءلون عن فعالية هذه المصالح في توفير الأمن وردع المنحرفين والمجرمين الذين يزداد عددهم بفعل التسرب المدرسي والبطالة والتهميش.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات