+ -

من الممكن أيضا أن يحاول قصاص الخرافات في سياق بحثهم عن حجج يدعمون بها قضيتهم، أن يدفعونا للتفكير في حكمة المثل الفرنسي “ألذ الحساء يطبخ في القدور القديمة” أو أن يحثونا على الاعتراف بصحة المبدأ القائل “اللي فاتك بليلة فاتك بحيلة”. قد يحاولون إخضاعنا لواحدة من الغرائب النابعة من عمق ذهنيتنا ومن دهائنا الشعبي، من تلك التي علمهم إياها بوتفليقة الذي يعرف المئات والآلاف  منها “قش بختة”، “طيابات الحمام”..

 يمكن لأكثرهم ثقافة، وبعد المقاربات الماكرة التي تجرؤوا على إقامتها مع مركيل وروزفيلت، أن يضربونا بمطرقة حجة يستقونها من حكاية لافونتين “الشيخ والشبان الثلاثة”. تروي الحكاية قصة ثلاثة شبان أدهشهم رجل عجوز وجدوه منهمكا في العمل فسألوه: ما عساك تجني من عملك هذا؟ أنت اليوم شيخ هرم وغدا أشيخ وأهرم، فلم تكلف نفسك عناء مستقبل ليس لك؟ لا يجدر بك أن تهتم إلا بخطاياك السابقة.. لكن الصدف شاءت في بقية الحكاية أن يموت الشبان الثلاثة قبل الشيخ. وحسب تعبير الكاتب: فالأول مات غرقا، أما الثاني “فذهبت أيامه إثر ضربة مباغتة” وسقط الثالث من أعلى شجرة. وتنتهي القصة بعبارة لذيذة “وقام الشيخ باكيا يكتب على رخام قبرهم ما أنهيت للتو حكايته”. المشكلة أني أشك أن سعداني وأمثاله قرؤوا هذه الحكاية أو حتى سمعوا بلافونتين، فلو فعلوا لما كانوا كما هم اليوم. كانوا سيحملون بعضا من الإنسانية وقليلا من الشاعرية والأهم من ذلك شيئا من الحياء. لكن ما يعرفونه بكل تأكيد هو حكايات جحا. يحفظونها عن ظهر قلب ويعرفون جيدا أين ومتى يطبقونها، خاصة في هذه الظروف العصيبة التي تتطلب مجهودا جبارا في مجال الخبث والخداع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: