38serv
تتباين مستويات أسعار المواد الاستهلاكية من منطقة إلى أخرى، وفي أحيان كثيرة بين حي وآخر، مثلما هو الحال في العاصمة التي يعيش سكانها على وقع اختلالات كبيرة في أسعار المنتجات والسلع بمختلف أنواعها، مع مراعاة طبيعة الأحياء. من صروح الأحياء الراقية بسيدي يحيى في حيدرة إلى أرقى أحياء المرادية واسطاوالي والقبة وسيدي فرج، إلى الأحياء الشعبية في بومعطي وبراقي والكاليتوس وباش جراح والحراش، اعتاد المواطن البسيط على معرفة مواقع الأسواق التي يستطيع فيها الحفاظ على ماله، إلا أن آخرين يفضلون التباهي بالتوجه إلى أرقى الأحياء لاقتناء متطلباتهم رغم محدودية قدراتهم المادية وآخرين تجبرهم الظروف على ارتيادها.ويستغل التجار تواجد العائلات ميسورة الحال القاطنين بوجه خاص بالقرب من السفارات وإقامات السفراء والمسؤولين السامين، من أجل رفع أسعار المواد الاستهلاكية إلى مستويات قياسية، تضع الأسر الفقيرة بالمناطق ذاتها في مأزق.ورغم تسليم غالبية المواطنين بالاختلاف الموجود في أسعار السلع والخدمات بين الأحياء التي تعرف بـ”الراقية” والأحياء “الشعبية”، إلا أنها ظاهرة تظل منبوذة من طرفهم، نظرا لتأثيرها المباشر على دخلهم. والأمر الذي يثير حفيظة المواطنين هو الزيادة المحسوسة في أسعار بعض السلع رغم تشابه نوعيتها ومنشئها، إلا أن الفرق، حسب من تحدثت إليهم “الخبر”، يكمن في أن هذه السلع موجهة لمن يوصفون بـ”الأنانيش” من أبناء الأثرياء وميسوري الحال.لا فرق بين تفاح اسطاوالي وتفاح بومعطي.. ولكن؟إلصاق وصف “المدينة الراقية” ببلدية اسطاوالي في العاصمة، عنوة، رغم أنها تضم سكانا من الفئة المتوسطة والفقراء، إلى جانب عائلات الأثرياء وميسوري الحال وأبناء كبار المسؤولين، جعل الأسعار بها تلتهب رغم أن التفاح مثلا الذي يباع بها، يضيف محمد، هو التفاح نفسه المعروض في أسواق براقي وبومعطي، الذي يكلف مبالغ تفوق 250 إلى 300 دينار للكيلوغرام.. في حين يبلغ سعره في محلات وأرصفة حي الحراش 160 دينار للكيلوغرام، ناهيك عن أسعار بقية الفواكه والخضر، حيث تباع البطاطا ببلدية اسطاوالي بـ80 إلى 100 دينار، في حين تباع بأحياء براقي بـ35 إلى 40 دينارا للكيلوغرام، وهو ما يعتبره بعض المواطنين استغلالا وخرقا لقانون المنافسة.الأسواق الشعبية ملجأ لـ”الڤليل”وأضاف محدثنا أن اسطاوالي وحيدرة وغيرها من البلديات لا تضم الأغنياء فقط في محيطها العمراني، بل تضم في إطار بنيتها الديموغرافية طبقة بسيطة وعائلات فقيرة لا تتحمل غلاء الأسعار بهذه المناطق، وهو ما يضطرها إلى قطع مسافات طويلة باتجاه الأسواق الشعبية لاقتناء مؤونة الأسبوع، على غرار أسواق الدويرة بالنسبة لقاطني بلديات اسطاوالي وسيدي فرج وزرالدة وأسواق أول ماي بالنسبة لقاطني المرادية وحيدرة والأبيار وغيرها.التجار يتفقون على أسعار موحدة ويستغلون المواطنوبحديثنا لأحد التجار في حيدرة، أكد أن الاختلاف في السعر يعود إلى تسعيرة نقل السلع التي تضاف إلى ثمنها مباشرة، ما يضمن للتجار هامش ربح مناسب بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الإيجار، في حين أكد معاذ أن غالبية التجار يستغلون تواجد شخصيات هامة وعائلات غنية تقطن بالمنطقة ويرفعون السعر لتحقيق الربح السريع، مبرزا أنه يصعب العثور على محل أسعاره معقولة نظرا لاتفاق التجار على تسعيرات موحدة تضفي الشرعية على تصرفات هؤلاء الباعة وتجعل احتجاجات المواطنين عديمة الجدوى.معكرونة حيدرة ليست نفسها في براقي!وإن كان الفرق الموجود في سعر قطعة حلوى بمنطقتي الكاليتوس واسطاوالي يصل إلى غاية 70 دينارا، قابلا للفهم من منطلق قبول نظرية اختلاف المكونات التي تدخل في صنع حبة الحلوى المذكورة، إلا أن غير المفهوم هو الاختلاف الكبير في أسعار السكر والزيت والقهوة والمعجنات ومختلف المواد الغذائية التي تنتجها مصانع واحدة على المستوى الوطني، حيث يقول رشيد، رب عائلة، إنه يضطر عند الحاجة لاقتناء المعكرونة بـ70 دينارا، في حين أن سعرها لا يتعدى 35 دينارا في أسواق أخرى.ميسورو الحال مستاؤون أيضاتوجهنا إلى منطقة بوشاوي واقتربنا من مواطن تظهر عليه علامات اليسر والغنى. وعن رأيه في الأسعار بالمنطقة، قال إنها تعتبر غالية بالمقارنة مع مناطق أخرى، وإن تواجد إقامة كبار مسؤولي الدولة وبعض أبنائهم بمناطق بوشاوي وسيدي فرج وزرالدة وغيرها، يؤثّر مباشرة على الأسعار، مبرزا بأن الاتهامات الموجهة لميسوري الحال بكونهم سبب الحالة التي وصلت إليها أسعار السوق، لا تعبر عن حالة عدم الرضى التي يشعرون بها تجاه الوضع الذي فرض عليهم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات