هل شاهد بعضكم فيديو يظهر المترشح الخاسر رشيد نكاز وهو يدخل مربع النار في غرداية، حيث لا تفصل بين الشباب المتناحر (وقود الحرب) هناك سوى أمتار قليلة؟لمن لم يشاهد الفيديو هنا شرح بسيط: رشيد نكاز يتقدم وسط مجموعة من الشباب الملثمين في زقاق من أزقة غرداية الضيقة وسط حالة من الدمار الماثلة للعيان، ثم يظهر نكاز وهو يتحدث إلى شباب غاضبين في أحد المعسكرين، محاولا إقناعهم بسماعه، لكن حالة الشحن كانت أكبر. ورغم ذلك تقدم نكاز رافعا يديه، بخطى من يتقدم إلى تفكيك قنبلة، إلى الشباب الغاضبين والمتحصنين في أحد المباني.. لكن الغضب كان أكبر وحالة اللاثقة كانت المسيطرة، الأمر الذي دفع نكاز للتراجع.الآن يمكن استخلاص بعض الملاحظات والرسائل من هذا الفيديو الصادم: الرسالة الأولى التي يمكن تسجيلها هي أن الأزمة في غرداية عميقة عمق الأحياء التي توغل فيها رشيد نكاز، وهي أزمة ما تزال في بداياتها ويمكن لرجال صادقين أن يعالجوها.الرسالة الثانية هي أن النضال السياسي لا يتوقف عند موعد انتخابات رئاسية أو برلمانية أو بلدية، بل هو فكرة مستمرة تؤثر متى كانت صادقة، ولا أعتقد أن رشيد نكاز يمثل أيضا بذهابه إلى غرداية.وربما الشيء المختلف في عمل نكاز هو التوثيق بالصوت والصورة، وهذا التوثيق عموما يظهر المشاعر الصادقة من تلك المزيفة.وهناك رسالة ثالثة من فيديو مربع النار في غرداية، تتمثل في خطورة استغلال الشباب المراهق في الصراع. شباب يافع بصحة جيدة ووعي قليل وعاطفة جياشة، يرى كل جناح فيه أنه على حق وأنه يدافع عن الحق، بينما الحقيقة هي أن غرداية هي الضحية بعربها وأمازيغيها.وللأسف، غرداية هذه كانت نموذجا للتعايش المذهبي ونموذجا للتكافل الاجتماعي ونموذجا للانضباط الأخلاقي، فإذا بها اليوم تتحول إلى ساحة وغى ومواجهات دامية على يد أناس أعمتهم المصالح.لكن لدي سؤال للمترشحين الستة لانتخابات الرئاسة المقبلة: هل لديكم جرأة رشيد نكاز فتنزلوا للقاء الشباب الغاضب في غرداية؟ هذا هو الامتحان الحقيقي لشعبيتكم، بداية من بوتفليقة مرورا ببن فليس وحنون ووصولا إلى تواتي وبلعيد ورباعين.وطبعا، ليس صعبا الوصول إلى غرداية والتقاط صور وفيديوهات من شوارعها كما يفعل التلفزيون الحكومي، لكن ليس سهلا على الإطلاق التوغل في مربع النار كما فعل نكاز.. هنا يمكن فهم لماذا ضاعت استمارات ترشحه في وادي العلايق بالبليدة ونجت أوراق الآخرين في وادي حيدرة بالعاصمة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات