ساهمت الأخطاء التقديرية في مسار الانضمام إلى المنطقة العربية للتبادل الحر، في ارتفاع تكلفة هذا الانضمام، وستضطر الجزائر إلى مراجعة السياسات المتسرعة المعتمدة التي دفعتها إلى الانضمام إلى المنطقة العربية للتبادل الحر دون أن تضمن توازنا في أطراف التبادل، والنتيجة تسجيل عجز في مبادلاتها التجارية بـ2.5 مليار دولار خلال سنة 2014.وأشار دكتور الاقتصاد محجوب بدة لـ”الخبر” إلى أن وزارة التجارة التي أنيط بها مهمة متابعة ملف القائمة السلبية، كان يتعين عليها مراعاة التدابير الإجرائية المعمول بها، ومنها ضرورة إخطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي لتفادي أي أضرار جانبية في مسار التفاوض، واللجوء بعدها إلى إعادة النظر في القائمة السلبية، مشيرا إلى أنه يرتقب أن تقوم الجزائر مجددا بمراجعة وتقليص القائمة السلبية التي تمت مراجعتها من قبل. وأضاف بدة أن نسبة المنتجات المستوردة من قبل الجزائر تقدر بقرابة 75 في المائة من مجموع ما تستورده الجزائر، وهي منتجات معفية من الرسوم والتعريفات الجمركية، رغم إقرار قائمة تضم حوالي 1400 موقع تعريفي، وأن الواردات المعنية بالإعفاءات من الرسوم الجمركية بلغت قرابة 1.9 مليار دولار هذه السنة، مقابل 700 مليون دولار للمنتجات والمواد المستوردة من المنطقة العربية للتبادل والحر وغير المعنية بالقرار.وحسب بدة، فإن أطراف التبادل بين الجزائر ودول المنطقة مختلة كثيرا، إذ لا تصدر الجزائر سوى عدد من المنتجات الغذائية والفلاحية وبعض المواد نصف المصنعة أو المصنعة، بقيمة لم تتعد 600 مليون دولار، وهي قيمة متواضعة جدا، خاصة إذا علمنا أن المنطقة تضم 20 دولة عربية.وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الاقتصادي العربي اعتمد في فيفري 1997 مشروع إقامة منطقة تبادل حر عربية في غضون 2008، مع الاتفاق على تخفيض نسبة الرسوم والتعريفات الجمركية بـ10 في المائة سنويا، إلى أن يتم الوصول إلى منطقة التبادل الحر العربية، واتفقت 18 دولة عربية من مجموع 22 على تحرير التبادل التجاري، وحتى إلغاء الحقوق الجمركية على المنتجات الصناعية وتحرير المبادلات على المنتجات الفلاحية. وفي قمة عمان للجامعة العربية في أفريل 2001، تدعم القرار بتفويض من رؤساء الدول، ثم قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي في سبتمبر 2001 بمتابعة فعلية للمسار وتقييمه في لقاء بالرياض عاصمة المملكة السعودية، وتم بالنسبة لعدد من البلدان تقليص المدة الانتقالية إلى 2005.وطوال الفترة الممتدة ما بين 1997 و2008، ظلت الجزائر خارج الإطار، ومع ذلك شرعت الجزائر في الانضمام في جانفي 2009، رغم النتائج المعلومة بالنسبة لاتفاق الشراكة والخسائر التي كانت تتكبدها الجزائر جراء ضعف النسيج الاقتصادي وعدم القدرة على التصدير.ويلاحظ أن اتخاذ القرار بالانضمام تم بناء على معطيات معلومة سلفا، وبالتالي كانت كل المعطيات متاحة، سواء السلبية أو الايجابية قبل انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل الحر، ومع ذلك لم تراع هذه العوامل، وهو ما دفع إلى ارتكاب عدة أخطاء تقديرية، منها فرض متسرع لقائمة سلبية اضطرت الجزائر إلى إعادة التفاوض بشأنها.واعتبر بدة أن تحديد السياسات والخيارات والبدائل التي تدعم قرار الانضمام من قبل الجزائر، كان ممكنا، لأن الهوامش كانت متاحة، فالجزائر كانت آخر دولة كبيرة ورئيسية تنضم إلى الاتفاقية، وكان لها متسع من الوقت لضمان تحقيق تصوراتها ومطالبها لصيانة مصالحها الاقتصادية والتجارية. لكن بعد سنة من دخول الاتفاقية الخاصة بمنطقة التبادل الحر العربية، سجلنا مراجعات طرحت إشكاليات فعلية من الناحية المبدئية، رغم أننا لا يمكن أن نختلف في مبدأ أحقية الجزائر في الدفاع عن مصالحها وحقوقها واتخاذ القرارات اللازمة لحماية جزء من اقتصادها وقطاعاتها المهددة بالمنافسة.وبعد أن عرفت قيمة وحجم المنتجات المستوردة في إطار المنطقة العربية والمعفية من الرسوم تراجعا في 2010 و2011، عادت للارتفاع بصورة كبيرة في 2013 و2014، وهو ما يكشف عن عدم قدرة الجزائر على ضمان توازن في مبادلاتها مع دول المنطقة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات