الصحراء... وحكمة بولسة الحوار مع المحتجين؟!

+ -

 استغرب الرأي العام الوطني تكليف الرئيس بوتفليقة المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، بقضية الاتصال مع المحتجين على الغاز الصخري في الجنوب.. ووجه الغرابة ليس في مسلكية الرئيس، بل في قبول المحتجين الحوار مع مدير الأمن! وكأنهم يتفقون مع الرئيس على أن المسألة أمنية وليست سياسية أو حتى اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية!عمليا، هذا التصرف من الرئيس يدل على أنه سحب الثقة من الحكومة... فلا الوزير الأول باستطاعته الحوار مع المحتجين، ولا وزير الداخلية ولا حتى وزيرة البيئة، مادام وزير البترول قد فشل في أول اتصال له بالمحتجين.كل الناس فهمت أن تكليف الرئيس مدير الأمن بالملف، دون قادة الجيش أو D.R.S أو الحكومة أو البرلمان أو حتى الأحزاب، معناه أن البلاد لم يبق فيها من له قيمة سوى الرئيس والشرطة! فهل هامل محاور جيد، أم ناقل جيد للمطالب؟! قد يكون الرئيس قصد بإسناد الملف لمدير الأمن هو أنه يريد إنجاز تنازلات استجابة لمطالب السكان.. وأن هذه التنازلات يتكرم بها الرئيس على السكان عبر رجل ثقة الرئيس، حتى يقبل السكان ما يقترحه الرئيس... لأن الحكومة وكل مؤسسات الدولة الأخرى بمن فيها الجيش قد احترقت سمعتها في الصحراء بفعل قضية غرداية وغيرها من القضايا الصحراوية الأخرى، مثل مظاهرات ورڤلة وتڤرت وحاسي مسعود وحاسي الرمل.هذا التصرف من الرئيس حيال أزمة الصحراء يدل على أن البلاد بفضل بوتفليقة قد خطت خطوة جريئة في الإصلاح السياسي... فأحدث الرئيس نقلة نوعية من حالة (عسكرة) السياسة إلى حالة بولسة السياسة ! أما حكاية تسييس أو تأسيسها في مؤسسات فما تزال بعيدة المنال... !والرئيس على حق... لا يمكن أن يحاور حركة بقوة ما يجري في عين صالح وتمنراست ببرلمان الحفّافات أو حتى بحكومة (مكابس الشيتة) وبأحزاب التأييد والمساندة! فالحكومة التي ذهبت إلى الصحراء للبحث عن الغاز الصخري وجدت الغاز السياسي تفجّر في وجهها، وإذا كان هذا هو واقع الحكومة والرئاسة والبرلمان والأحزاب الحاكمة... فكيف سيفتح الرئيس الحوار حول الدستور، وما هي القنوات التي يخاطب بها الشعب وينظم بها هذا الحوار؟! وبالتأكيد لن يكون التلفاز، لأن الرئيس لم يعد باستطاعته مخاطبة الشعب عبره ؟! ولكن قد نفاجأ أيضا بأن الرئيس سيعمد أيضا إلى بولسة الحوار حول الدستور أيضا ! ولكن السؤال: هل إسناد هذه المهمة كانت لشخص المدير هامل.. أم إسنادها كان لجهاز الشرطة؟!ويبدو أن الرئيس بوتفليقة يريد إصلاح الدستور والحياة السياسية في الجزائر على الطريقة المصرية.. حيث دعا السيسي الأزهر إلى إصلاح الدين الإسلامي وتحديثه ! وتخيلوا رئيسا لم يستطع إصلاح الجيش المصري ليواجه جيش إسرائيل ! ولم يستطع إصلاح مؤسسات الحكم في مصر فراح يدعو إلى إصلاح الإسلام على ضوء متطلبات (شارلي إيبدو)! ومازلنا، والحمد لله، نسيّر السياسة بالبوليس، ونسيّر الاقتصاد بالبوليس، ونسيّر الإدارة بالبوليس، ونسيّر العدالة والإعلام بالبوليس[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات