اقترنت، منذ أيام، ذكرى استشهاد البطل العربي بن مهيدي، بعيد ميلاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بلغ بن مهيدي أثناء استشهاده 34 سنة، بينما احتفل بوتفليقة الذي يستعد للعهدة الرابعة بـ 77 سنة. قال العربي بن مهيدي عندما اشتد الخناق على الثورة: “ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب”، كانت له رغم سنه الثلاثيني نظرة استشراف استبقت كل دروس الاستراتيجيات الحربية والنفسية. يريد الرئيس بوتفليقة بالمقابل بترشحه أن يلقي بالشعب إلى الثورة، ليحتضنه شارع الاحتجاجات والمظاهرات، شعب سئم من نظام ينظر إليه كقطيع لا يصلح إلا للوقوف في طوابير يوم الانتخاب، ويستكمل به ديكور واجهة ديمقراطية يقدمها للاستهلاك الدولي، ويقنع الجميع بكذبة صدّقها مع مرور الزمن، هي أن الجزائر بلد ديمقراطي .. تميّز العربي بن مهيدي في تلك السنوات بهذا الوعي، حيث آمن أن الشعب هو الوحيد القادر على تحديد مصيره وقيادة مرحلة التغيير، كما أدرك أن التحام قيادة الثورة مع القاعدة التي يمثلها الشعب، هو السبيل الوحيد لتحقيق غاية الاستقلال. لكن في 2014 هناك من يرى أن رجلا واحدا ووحيدا، مقعدا على كرسي متحرك، يمكنه أن يقود الشعب، وعلى الشعب أن يسير وراءه مهما كانت النتائج، بدل أن يستجيب لإرادة الشعب ويتنحى بحكمة ويجنب الوطن مخاطر انزلاق هو في غنى عنه. إن الشباب الذي خرج، يوم السبت، ضد العهدة الرابعة، يبعث برسالة وحيدة يُذكر من خلالها النظام والطغمة الحاكمة التي تريد أن ترمي به نحو المجهول، إنه قادر على التحكم في مصيره، عن وعي بحقيقة التحديات، وقرّر أن يقول كفى.. كفى للتلاعب بمستقبل الجزائر.. كفى لاستغباء للشعب.. كفى لتهميش الشباب.. كفى لحكم العجزة.. كفى للشرعية الثورية والشرعية الجهوية والشرعية التاريخية والجغرافية.. كفى للمتسلقين والانتهازيين والمطبلين.. كفى لرهن مصير الأمة والتهديد بأن ذهاب الرئيس الحالي يعني انتهاء الاستقرار والدخول في فوضى، رغم أن العكس هو ما سيحدث، هذا الشباب يقول لكم: إن الشعب الذي احتضن الثورة التي أعلنها وقادها شباب، قادر اليوم أيضا على قيادة جزائر الاستقلال، لكن عليه أن يتخلص منكم، ممن مارس الوصاية والأبوية على صوته.. على طموحه.. على اختياره. يقول لكم الشباب اليوم: لن نكون وقود صراعاتكم ومزاجيتكم.. لن نكون أداة طيعة لتسلبوا الوطن ومستقبله، وتنهبوا ثرواته التي هي حق لكل الأجيال القادمة، أيضا اليوم يقول لكم: لن نبقى مجرد واجهة للتستر على إخفاقاتكم وسوء تسييركم.. فإما أن تفهموا هذا وإلا سنلقي بكم إلى مزبلة التاريخ..
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات