عندما كان وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، في جنيف يستعرض إنجازات الجزائر في مجال ترقية حقوق الإنسان، كانت الشرطة في وسط العاصمة الجزائرية تستعرض قوتها وعضلات عناصرها لسوط وتعنيف الصحفيين والناشطين المعبرين عن موقف ورأي، يكفله الدستور والقانون.وعندما كان لعمامرة يحاول في اجتماع مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة أن يقنع العالم بمساعي وجهود الجزائر ”لبناء مجتمع أكثر عدالة وتعزيز المكتسبات المكرسة بالدستور والمسار الديمقراطي التعددي ودولة الحق والقانون”، كانت الشرطة في ساحة أودان تعزز المكتسبات بالقمع، وترقي حرية الرأي في الجامعة المركزية باعتقال صحفيين وكتاب وناشطين خرجوا يعبرون عن رأيهم بشكل سلمي ودون أي عنف، وتكرس حق التعبير بدعوة قسرية على رحلات مدفوعة إلى مراكز الأمن ولو لمدة ساعة.وفي الوقت الذي كان لعمامرة يعد العالم بأن تترك الجزائر ”بصمتها الناصعة كعضو بمجلس حقوق الإنسان الأممي”، كانت الشرطة تضع بصمتها على وجهوه الصحفيين، وتسحلهم وتسحبهم من ملابسهم كما المجرمين، وحين كان لعمامرة يقول للأمم المتحدة إن ”الحكومة الجزائرية تنتهج بيداغوجية الحوار والمشاورة خلال تعاملها مع توترات اجتماعية”، كانت الشرطة في الجامعة المركزية تطبق بيداغوجية العصا الغليظة مع الرافضين للعهدة الرابعة، وتتحاور معهم بغلق الأفواه، وتتشاور معهم في شاحنات الاعتقال ومراكز المساءلة.وعندما كان تلفزيون الأمم المتحدة ينقل كلمة رمطان لعمامرة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان، كان العالم يشاهد على المباشر، عرس حقوق الإنسان وحرية القمع والحق في الاعتقال في الجامعة المركزية، وعلى المباشر شاهد العالم شخصين كانا في المكان نفسه، وفي اللحظة نفسها، يدليان بتصريح لنفس القناة التلفزيونية، أحدهما يزكي العهدة الرابعة، والثاني يرفض العهدة الرابعة، وعلى المباشر شاهد العالم، كيف مسح رجال الشرطة على رأس الأول، وكيف تغامز ثلاثة منهم على الثاني واقتادوه إلى الاعتقال... تلك قمة العدالة في بيداغوجية الشرطة التي يعلّمها هامل ”للبوليسية”.في السابق كان عمي أحمد بوصوف، الشرطي المشهور، يحاور المحتجين ويحاول أن يفهم مطالبهم، لكن الظاهر أننا انتقلنا من حقبة دولة صاحب الشرطة، إلى حقبة الدولة البوليسية التي لا تحترم لا صحفيا يعبر عن موقف، ولا مدير صحيفة يقول رأيا، ولا رئيس حزب معارض، ولا كاتبا ولا شاعرا ولا روائيا رفع راية الجزائر في المحافل الدولية، ولا تحترم لا أستاذا مربيا، ولا جنديا معطوبا كافح الإرهاب جاء يطالب بحقه، ولا عنصرا من الحرس البلدي أكل من البرد والجوع في عز نار الأزمة.أعرف أن رجال الشرطة يأتيهم ”الدق” من الفوق، كما المسمار في الخشبة، لكني أتذكر جيدا أن رجال الشرطة الذين كانوا يمارسون القمع في تونس، خرجوا إلى الشارع بعد الثورة لطلب الاعتذار من عائلات الشهداء والضحايا، وفي أوكرانيا ركعت الشرطة للشعب.. فمزيدا من إنجازات حقوق الإنسان في الجزائر[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات