مثل الإنفاق في غير طاعة اللّه

+ -

 قال اللّه سبحانه وتعالى: {يَا أيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِر فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا واللّه لا يهدي القوم الكافرين ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اللّه وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطلّ واللّه بما تعملون بصير أيودّ أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين اللّه لكم الآيات لعلكم تتفكرون} البقرة:264-266.هذه الآيات الثلاث تضمّنَت أمثلة ثلاثة، تتعلّق بأحوال النّاس في الإنفاق: فأوّل فيه تشبيه بعض المتصدّقين الّذين يتصدّقون طلبًا للثّواب، غير أنّهم يُتبعون صدقاتهم بالمنّ والأذى، بالمنفقين المُرائين، الّذين ينفقون أموالهم لا يطلبون من إنفاقها إلاّ السُّمعة والمفاخرة بين النّاس. والثاني، ضرب اللّه المثل فيه للمخلصين في الإنفاق؛ وذلك مثل المؤمن العامر قلبه بالإيمان، يُنفِق ماله عن ثقة ثابتة في الخير، نابعة من الإيمان، كمثل بستان خصب عميق التربة، يقوم على ربوة، فإذا نزل عليه مطر كثير، أعطى ثمارًا وغلالاً ضعفي ما يعطي غيره. وإذا نزل عليه مطر قليل كفاه ليبقى على رونقه وجماله وبهائه. والثالث، عقَّب سبحانه المثلين السابقين بمثل آخر، يتبيّن به حال الفريقين؛ إذ فيه تمثيل لنهاية المَنّ والأذى، وكيف يمحق اللّه آثار الصّدقة المتبوعة بالمنّ والأذى محقًا في وقت لا يملك صاحبها قوّة ولا عونًا، ولا يستطيع لذلك المحق دفعًا ولا منعًا، تمثيل لهذه النهاية البائسة في صورة بستان فيه من كلّ الزّروع والثّمرات، جاريًا الماء في كلّ أنحائه.فالقرآن الكريم، من خلال هذه الأمثلة الثلاثة، يريد أن يُربّي المسلم على مأثرة من مآثره السّامية، وهي مأثرة الإنفاق في سبيل اللّه، ويبيّن له أنّ الرِّياء يبطل ثواب العمل، وأنّ المنَّ والأذى يُحبط أجر الصّدقة. فالرّياء مرض من أمراض المجتمع، يدل على ضعف في الشّخصية، وسوء في الخُلق، وتعلُّق بالدّنيا، وبُعد عن الآخرة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات