بعد أن كان مقررا دخوله حيز التطبيق بداية الشهر الحالي، من المرتقب أن يعرف تطبيق دفتر الشروط الخاص بتنظيم وتأطير سوق السيارات تأخرا، في انتظار صدور المرسوم التنفيذي المتضمن دفتر الشروط في الجريدة الرسمية، الذي يتواجد منذ مدة على مستوى الأمانة العامة للوزارة الأولى. وفي غياب أي رد فعل لدى الوزارة الوصية، الصناعة والمناجم، فإن الترتيبات المعلن عنها في دفتر الشروط ستظل رهينة صدور المرسوم والنصوص التطبيقية له، وبالتالي، فإن واقع سوق السيارات سيبقى مرتبطا بالقوانين السابقة، إلى أن توضح السلطات العمومية سياساتها الجديدة التي تضمنها دفتر الشروط. ويعد هذا التعثر الثاني بعد ذلك الذي دفع السلطات العمومية إلى تأجيل جزئي لبنود دفتر الشروط بسنة ونصف، فيما يخص تنظيم شبكة التسويق وفرض التعامل مع المصنع أو المنتج. وكانت الحكومة قد أقرت دفتر شروط صارما لتأطير وتنظيم سوق استيراد السيارات وضمان استيراد سيارات بمواصفات وضوابط أمنية ونوعية، إضافة إلى مواجهة كافة أشكال التلاعب في الفوترة، يضاف إلى ذلك إلزام المتعاملين بالاستثمار محليا في التصنيع والتركيب في ظرف 3 سنوات.إلا أن الوضعية عرفت تغيرا مع قرار وزارة الصناعة بمنح مهلة 18 شهرا إضافية قبل اعتماد دفتر الشروط، لبعض النقاط الأساسية، لمنح المتعاملين الوقت اللازم لإعادة تنظيم الشبكة التجارية، حيث يفرض توفير قاعات عرض لكل علامة على حدة. ويأتي هذا التطور في وقت يعرف سوق السيارات تراجعا محسوسا في المبيعات، حيث بلغت نسبة الانكماش في 2014، ما معدله 20 في المائة، مع تسجيل أقل من 400 ألف وحدة منها حوالي 340 ألف وحدة لأهم الوكلاء المعتمدين، وتبقى ”رونو” الفرنسية في طليعة المتعاملين في السوق الجزائري للسيارات بحوالي 52 ألف وحدة، مقابل 41 ألف وحدة لـ”بوجو”، لتبقى العلامات الفرنسية تمثل قرابة ثلث حصص السوق رغم المنافسة الآسيوية ممثلة في ”هيونداي” الكورية الجنوبية بقرابة 40 ألف وحدة والألمانية لاسيما ”فولكسفاغن” بـ27 ألف وحدة. وفي انتظار اعتماد الحكومة دفتر الشروط وتطبيقه، فإن السوق لايزال يعرف عدة تقلبات واضطرابات سواء على مستوى مدة التسليم أو الخدمات ما بعد البيع، في حين بدأت سنة 2015 بإعلان عدد من المتعاملين زيادة في الأسعار على خلفية تقلبات سعر صرف الدينار مقابل الأورو والدولار وحتى الين الياباني.ويرتقب أن تكون السنة الحالية، حسب المتابعين للسوق، على شاكلة السنة الماضية، أي في مسار انكماشي، بالنظر إلى عوامل متعددة، منها توجه السوق إلى الإشباع وبرامج السكن التي استقطبت اهتمام المواطنين، وهو ما يدفع التقديرات إلى الأسفل هذه السنة، سواء من حيث الواردات أو المبيعات.ويسري هذا الأمر على السوق الموازية التي تشهد أيضا تباطؤا في مستويات التداولات، رغم الطلبات المتكررة للمتعاملين من السلطات العمومية ضرورة إيجاد السبل لإدماج السوق الموازية وهو ما ستعكف عليه السلطات العمومية، حسب مصادر عليمة، خلال السنة الحالية، وإن بقي الرهان صعب التحقيق في ظل غياب التنظيم والتأطير والرقابة لهذه الأسواق وصعوبة التحكم فيها على غرار الأسواق الموازية الأخرى، فضلا على غياب أي تحفيزات أو مزايا تدفع السوق الموازي للانخراط في التعاملات الرسمية، سواء أكانت جبائية أو غيرها، وهو ما يجعل هذا الخيار مستبعدا على المدى القصير.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات