+ -

  تكتسي شبه جزيرة القرم أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، حيث أوضح تقرير للمعهد الألماني للعلاقات الدولية أن قاعدة سيفاستوبول البحرية تضم 300 سفينة روسية من مختلف الأحجام، ويعمل فيها أكثر من 26 ألف جندي روسي من القوات البحرية والجوية، وذكرت صحف أن 15 سفينة حربية جديدة ستنضم إلى أسطول القاعدة. وتشكل القاعدة البحرية الروسية في القرم، التي تعد الأكبر في الأسطول  الروسي، نقطة انطلاق إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط، حيث تؤمِّن التواصل مع القاعدة الروسية في ميناء طرطوس السوري عبر المضائق التركية (البوسفور والدردنيل)، وخسارة هذه القاعدة يعني تعطيل أحد طرق إمداد النظام السوري بالسلاح. وبقيت شبه جزيرة القرم تابعة لروسيا على مدى 200 عام دون انقطاع، وألحقت بأوكرانيا في عهد الرئيس السوفياتي خورتشوف ذي الأصول الأوكرانية، وبعد حصول أوكرانيا على استقلالها في 1991 توصلت روسيا والولايات المتحدة إلى تفاهم يقضي بتأجير ميناء سيفاستبول لروسيا مقابل اعترافها بوحدة الأراضي الأوكرانية. وكان من المفترض أن تنتهي فترة تأجير الميناء في عام 2017 لولا أن الرئيس يانكوفيتش مدده لعام 2042، مقابل قيام روسيا بدفع 7 مليارات دولار سنوياً، ومنح تخفيض بنسبة 30 بالمئة على الغاز المصدّر لأوكرانيا. جدير بالذكر أن منطقة القرم غنية بالنفط والحديد، وتشتهر بالزراعة.  وتاريخيا كانت شبه جزيرة القرم دولة يحكمها التتار أحفاد جنكيزخان الذين اعتنقوا الإسلام في 1314م، واستطاع المسلمون التتار بالتعاون مع الإمبراطورية العثمانية من فتح موسكو في 1571م، لكن بعد قرنين من الزمن عاد الروس وسيطروا على القرم في 1783، وفي عهد الاتحاد السوفياتي قتل عشرات الآلاف من التتار المسلمين خاصة في 1928، وخلال الحرب العالمية الثانية قتل 400 ألف مسلم في 1944، لاتهامهم بالتحالف مع الألمان، وتم تهجير أعداد كبيرة منهم إلى سيبيريا وأوزبكستان، إلى درجة أن أعدادهم تضاءلت من 9 ملايين في 1881 إلى نحو 265 ألف مسلم حاليا، كما هدم السوفيات 1500 مسجد في القرم خلال الحرب العالمية الثانية. وبسبب تفريغ شبه جزيرة القرم من المسلمين التتار وتوطين الروس، تغيرت التركيبة الديمغرافية للقرم، وأصبح الروس يشكلون 58 بالمئة من سكان الإقليم حاليا، والأوكرانيون 24 بالمئة، أما نسبة المسلمين فتبلغ نحو 12 بالمئة، رغم أن أعدادا كبيرة من المهجّرين منهم شرعت في العودة من سيبيريا وأوزبكستان وتركيا إلى ديارهم في القرم، لكن عشرات الآلاف منهم لا يتمتعون بالجنسية الأوكرانية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: