لا ثالثة دون رابعة، فلم الغضب الآن؟

+ -

 نزل الخبر كوقع فاجعة ألمّت بالكثيرين ممن اعتقدوا أن مسألة ترشح الرئيس بوتفليقة لخلافة نفسه مفروغ منها، وأن الرجل بات على يقين من عدم قدرته وأهليته على تولي منصب حكم لعهدة رابعة، واعتبر الساخطون أن الترشح بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، وكأن الأمر كان مستبعدا.الحال أن كل من شعر بالاستفزاز من كلمات سلال وهو يعلن ترشح بوتفليقة، أدرك أن غضبه جاء متأخرا بعقد من الزمن على الأقل، وبالضبط منذ أن قام الرئيس وحاشيته بتغيير الدستور ليفتح له المجال أمام عهدة ثالثة، فلمَ الغضب اليوم من عهدة رابعة ؟ ألم يكن من بيننا من ينتفض على السير العكسي الذي قرره رئيسنا ؟ ألم يكن بيننا من يستنكر حين تلاعب الرئيس وحاشيته بكل مؤسسات الدولة حتى صارت مجرد مبان وموظفين تحت تصرف ولي النعم ؟ ألسنا نحن من بقينا صامتين حين كانوا يحدثوننا ويمنون علينا بالإنجازات العظيمة التي قام بها ”فخامته” وكأنه استثمر من ماله الخاص من أجل مشاريع صُرف عليها من الخزينة العمومية أكثر من تكلفتها الحقيقية ؟لم ينتظر الرئيس المتوج العهدة الرابعة ليؤكد استخفافه واستصغاره للشعب، ولا عجب أن يواصل المحيطون به السير على نهجه في احتقار شعب بأكمله من خلال التأكيد على أن ”صحة الرئيس أفضل من صحة غالبية الجزائريين”، فليكن، صحته بألف خير وسلامة، ماذا عن مبدأ التداول على السلطة، ألم يفكروا في أن البلاد والعباد يعيشون حالة اختناق وفي حاجة إلى نفس جديد ليُنعشهم.أثاروا صخبا وحاولوا إقناعنا بأن الصراع على السلطة بين الجيش والرئاسة من شأنه تفجير البلاد، في محاولة لإخافة الشعب من أسوأ السيناريوهات، ومعاذ الله أن يرغب الشعب في سيناريو آخر مدمر، لذلك توصلوا إلى أن الإبقاء على الوضع القائم أفضل السيناريوهات وأقلها ضررا لطرفي النزاع على السلطة، ولن يجد الشعب المغلوب على أمره ما يقوله ما دام الأمر تقرر على هذا النحو.شعرنا بالغضب والاستفزاز على ذكر العهدة الرابعة ولم نشعر بالخيبة حين كنا نناقش بدائل لبوتفليقة بأسماء خرجت هي الأخرى من الأرشيف دون قاعدة شعبية ولا برامج، فقط لأنها من نتاج النظام الذي نلعنه ليل نهار، أسماء لم تكن لتصلح لإحداث التغيير الذي نأمله حتى في حال عدم ترشح بوتفليقة، لم نغضب حين كنا نتحدث عن منح ”النظام” الضوء الأخضر لشخصيات سياسية للتحدث بعدما صمتوا دهرا، لم نغضب حين أدركنا أن الرئيس ومعه من نسميهم ”النظام” أفرغوا البلاد من كل ما يمكنه أن يصنع الفارق ويبعث على الأمل، حين قتلوا فينا نبض الحياة، حين أصبحنا مثار سخرية بين الدول، فهل يحق لنا أن نغضب ونحن مشتركون في الجريمة؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات