”الرهان المقبل سيكون على الرئاسيات وموسكو لم تستسلم”

+ -

في اعتقادكم، الذي حدث في أوكرانيا، ثورة شعبية أم انقلاب على حكومة شرعية؟ ليس من السهل الإجابة، لأن هناك ما يشبه معركة المصطلحات، ويمكن إدراك ذلك من طريقة تناول وسائل الإعلام الدولية لما يحدث في أوكرانيا. فلو أخذنا وسائل الإعلام الروسية، نجدها تصف الأحداث بالانقلاب أو العصيان على حكومة منتخبة ديمقراطيا، في حين أن العديد من وسائل الإعلام الغربية المساندة للمعارضة تصر على كون ما يحدث ثورة شعبية أطاحت برئيس أراد أن يصبح ديكتاتورا، وهي في العموم مواقف منحازة وتقف إلى جانب أحد طرفي النزاع. لكن يبقى أنه لو تعاملنا مع الأحداث بشيء من الحياد والموضوعية، لتبين أنه من الصعب تسمية أحداث ميدان الحرية بالعاصمة الأوكرانية، كييف، بالثورة، بالنظر لكونها لم توحّد الشعب الأوكراني، على العكس ظهر قسم مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقسم معارض له اتخذ من ميدان الحرية رمزا لانتفاضته.هل هذا يعني أن الأحداث في أوكرانيا، كانت مفتعلة وتقف وراءها جهات خارجية؟ ما حدث في كييف، كان تعبيرا صادقا عن غضب شعبي من السياسية التي قادها الرئيس منذ توليه الحكم، لا بأس بالتذكير أن الأوكرانيين انتخبوا الرئيس بشكل ديمقراطي شهد عليه العالم، في محاولة لإحداث التغيير وتحسين الأمور. لكن ما حدث أن فيكتور يانوكوفيتش فشل في تحقيق الوثبة التي حلم بها الشعب، لاسيما في المجال الاقتصادي. وما زاد الطين بله، رغبته في الهيمنة على الحكم وتضييق الحريات التي ناضل من أجلها الأوكرانيون، ومع تدني الوضع الاقتصادي ونزوع الرئيس إلى الابتعاد عن مسار الإصلاحات ازداد غضب الجماهير، خاصة الموالية للمعارضة القريبة من الاتحاد الأوروبي، التي اعتبرت التقارب المتزايد بين الرئيس وروسيا تهديدا لمستقبل البلاد، وعليه خرجت لتدعو للإطاحة بالرئيس، وبالفعل لا يمكن إغفال التجاذب الخارجي، سواء أتعلق الأمر بروسيا أو الاتحاد الأوروبي الذي يدعم كل منه طرفا بعينه.الآن وبعد تنحية الرئيس يانوكوفيتش وتعيين رئيس مؤقت، كيف ترون مستقبل أوكرانيا؟ في الواقع ما تزال هناك مخاوف من استمرار الانقسام، لأن عددا لا يستهان به من الأوكرانيين يعتبرون أن تنحية الرئيس يانوكوفيتش غير شرعي، وهنا أقصد شرق أوكرانيا، حيث غالبية السكان من الناطقين بالروسية والذين يعتبرون أن التقارب مع روسيا أمر طبيعي باعتباره امتدادا ثقافيا وحضاريا يخدمهم، في حين أن المعارضة المسيطرة اليوم تنظر إلى روسيا بعين الريبة وتسعى للتخلص من نفوذها من خلال التقارب مع الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل بالنسبة للجيل الجديد رمز الديمقراطية والحريات. ولأن الطرفين متمسكان بنظرتهما، أتوقّع استمرار الخلاف. لكن بما أن العواصم الغربية سارعت إلى مباركة سير الأحداث إلى الآن، لا أعتقد أن موسكو ستقوم بتدخل قوي من أجل إنقاذ حليفها الرئيس المخلوع، بقدر ما تسعى إلى دعمهم من خلال تحوّلهم إلى المعارضة في سعي لإعادتهم إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع.وهنا أذكر أن جزء من المعارضة التي تحتفل اليوم بالإطاحة بالرئيس، على غرار السجينة السابقة يوليا تيموشنكو سبق لها تقلد منصب رئاسة الوزراء، وتسببت هي الأخرى في سخط الجماهير. أكثر من ذلك، لم تنجح في الحصول على أصوات الأوكرانيين في الانتخابات الرئاسية، وعليه أعتقد أن المواجهة المقبلة ستكون في الانتخابات الرئاسية، وسنجد كلا من الاتحاد الأوروبي وروسيا يدعمان حلفاءهم للوصول لكرسي الرئاسة، لأنه في نهاية المطاف أوكرانيا رهان اقتصادي ومنطقة استراتيجية مهمة للقوى الإقليمية لا يمكن التفريط فيها، ومن الصعب تصديق أن روسيا تُسلم في نفوذها في أوكرانيا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: