+ -

 تحدّث القرآن الكريم في العديد من آياته عن عيسى عليه السّلام من حيث إنّه نبيّ من أنبياء اللّه، الّذين أرسلهم لدعوة بني إسرائيل إلى إخلاص العِبادة لخالقهم، وإلى التحلّي بمكارم الأخلاق، ومن حيث إنّه عبدٌ من عباد اللّه المصطَفين الأخيار، قال سبحانه مقرّرًا هذه العقيدة: {إنْ هُوَ إلاَّ عَبْدٌ أنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إسْرَائِيل} الزُّخرف:59.وقد جاء في تقرير هذه العقيدة قوله عزّ وجلّ: {إنَّ مَثَل عِيسَى عِنْدَ اللّه كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون} آل عمران:59، فالآية تقول لِمَن ادّعَى ألوهية عيسى عليه السّلام لأنّه وُلِدَ من غير أب: إنّه إذا كان وجود عيسى من غير أب يسوغ لكم أن تجعلوه إلهًا، أو ابن إله، فأولى بكم وأحرى وألزم أن تَجعلُوا آدم إلهًا؛ لأنّه خُلق من غير أب ولا أم، وما دام لم يدّع أحد من النّاس ألوهية آدم لهذا السبب، فبطل حينئذ القول بألوهية عيسى عليه السّلام؛ لانهيار الأساس الّذي قام عليه، وهو خلقه من غير أب. وقد ورد في سورة المائدة العديد من الآيات الّتي دحضت الأقوال الباطلة الّتي افتراها بعض أهل الكتاب على عيسى وأمّه عليهما السّلام، وقد برهنت تلك الآيات على أنّ عيسى وأمّه ما هما إلاّ عبدان من عباد اللّه، يدينان له بالعبادة، ويأمران غيرهما بأن ينهج نهجهما، يقول سبحانه في تقرير هذه الحقيقة: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل وَأُمَّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الْطَّعَام} المائدة:75، ويقول سبحانه أيضًا: {وَقالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللّه رَبِّي وَرَبُّكُم إنَّهُ مَنْ يُشْرِكُ بِاللّه فَقَدْ حَرَّمَ اللّه عَلَيْهِ الْجَنَّة وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أنْصَار} المائدة:72، فهاتان الآيتان تفيدان أنّ عيسى عليه السّلام وأمّه عبدان من عباد اللّه، اصطفاهما سبحانه من بين عباده.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات