
أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، عن "عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجزائر وباريس".
وفي تصريح للصحافة نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، عقب استقباله من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وبعد لقائه مع وزير الخارجية أحمد عطاف، أكد بارو "إعادة تفعيل جميع آليات التعاون بين البلدين، ابتداءً من اليوم".
وتقدم بارو بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس واستمر لمدة ساعتين ونصف الساعة، بشكره للرئيس تبون على "دعوته الكريمة وقد تحدثت معه مطولا بحضور وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف الذي عقدت معه اجتماعا مفيدا للغاية هذا الصباح"، مؤكدا حرصه "على تلبية الدعوة في أقرب وقت ممكن بعد أقل من أسبوع من المكالمة الهاتفية بين الرئيس ماكرون والرئيس تبون وبيانهما المشترك".
وقال الوزير الفرنسي، "لقد شهدنا في الأشهر الأخيرة فترة من التوتر غير المسبوق وهو ما لا يخدم مصالح الجزائريين ولا مصالح الفرنسيين"، مضيفا أنه "بالتأكيد لدينا اختلافات ولا يمكننا تجاهلها لكن الروابط الإنسانية والتاريخية والثقافية التي تجمعنا، وأنا أفكر بشكل خاص في العديد من العائلات الفرنسية الجزائرية التي تتقاسم حياتهم على جانبي البحر الأبيض المتوسط، يجب أن يقودنا ذلك إلى استئناف الحوار واستعادة التعاون"، مؤكدا وجوب ارتقاء "علاقاتنا المؤسساتية إلى أهمية العلاقات الإنسانية بين بلدينا".
وتابع "لقد جئت إلى الجزائر لأنقل رسالة رئيس الجمهورية، ففرنسا تريد طي صفحة التوترات الحالية لإعادة بناء شراكة قائمة على الندية والهدوء والثقة المتبادلة مع الجزائر"، مشيرا إلى أن "فرنسا تريد إعادة إيجاد سبل التعاون مع الجزائر في مصلحتنا المشتركة، وإيجاد كافة سبل التعاون من أجل تحقيق نتائج ملموسة وفعالة لصالح مواطنينا".
ومع السيد الرئيس تبون والوزير عطاف وضعنا –يقول بارو- "على الطاولة بصراحة جميع المواضيع التي شغلتنا في الأشهر الأخيرة من أجل تفعيل المبادئ التي وضعها الرئيسان خلال مكالمتهما الهاتفية في 31 مارس، واستعادة الديناميكية والطموح اللذين حددهما رئيسا البلدين في إعلان الجزائر 2022"، مقررين أن "يتم تفعيل ذلك بجدية وهدوء ونجاعة من خلال إعادة تنشيط اليوم كل آليات التعاون في كافة القطاعات".
وأكد بارو أن ا"لوضع يعود إلى الطبيعي، وكما قال الرئيس تبون الستار يرفع، الستار يرفع أولا فيما يتعلق بتعاوننا في مجال الأمن، إلى جانب حوار استراتيجي حول الساحل".
وفي مجال التعاون القضائي، أكد بارو للرئيس تبون أن "الزيارة المقبلة لوزير العدل الفرنسي التي ترافق استئناف الحوار القضائي بين بلدينا"، مردفا أنه "لدينا الكثير من مشاكل فيما يتعلق بالتعاون، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ الإنابات القضائية بشأن الملفات الحساسة المتعلقة بالمكاسب غير المشروعة".
وفي ذات السياق قال: "لقد تطرقت إلى ذلك ولكن وزير العدل سيكون لديه الفرصة لتوضيحه أكثر، لا سيما توجيه الدعوة من قبل المصالح المسؤولة عن مكتب المدعي العام المالي الوطني إلى نظرائهم الجزائريين من الجهات القضائية المختصة للذهاب إلى باريس لدراسة جميع الملفات".
أما في مجال التنقل، أكد بارو أن "الرئيسين اتفقا على استئناف التعاون في مجال الهجرة دون تأخير، وهذا ما أكده لي رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون". ويتعلق الأمر حسب بارو بقضايا الترحيل والتأشيرات، "وسيتم تناول هذه المسائل في إطار الاتفاقيات القائمة من خلال الإجراءات العادية والمنتظمة للتعاون القنصلي"
ومن جهة أخرى، أكد بارو، أن "الرئيس تبون أشار إلى أنه يوافق على عقد اجتماع مستقبلي بين القناصلة الجزائريين بفرنسا ومسؤولي المقاطعات الفرنسية وسنقوم الآن بتنظيم ذلك مع وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية"،". وأضاف:"اتفقنا على العمل على محتوى الاتفاقيات التي تنظم علاقاتنا في مجال التنقل والهجرة وتحديد التعديلات اللازمة لجعلها أكثر فعالية".
وبشأن المواضيع الاقتصادية، قال الوزير الفرنسي، "لقد أتيحت لي الفرصة للتذكير بالصعوبات التي ظهرت في الأشهر الأخيرة فيما يتعلق بتطوير التبادلات لدينا، خصوصا في قطاعات الصناعات الغذائية والسيارات والنقل البحري"، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية "أكد لي استعداده لإعطاء دفعة جديدة لهذا التعاون".
وفي هذا الصدد أكد بارو أن "رئيس منظمة أرباب العمل الفرنسية سيلتقي نظيره رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في 9 ماي المقبل واتفقنا على عقد اجتماع قبل الصيف للجنة الاقتصادية المشتركة الفرنسية الجزائرية التي ستتناول كل هذه الملفات". وفي ملف الذاكرة، قال بارو تم استئناف الاتصالات بين المؤرخين الأعضاء الفرنسيين والجزائريين في اللجنة المشتركة، وتأكدت من ذلك شخصيا".
وأضاف بارو بهذا الخصوص أن الرئيس تبون، أكد له أن "المؤرخ بنجامين ستورا كان مدعوا للقدوم إلى الجزائر ومواصلة العمل على استرجاع الممتلكات الثقافية، وكل هذا سيتم متابعته على مستواي ومستوى نظيري الجزائري".
وأضاف بارو: نسجل استئناف الحوار بين دبلوماسيتي بلدينا وسيلتقي الأمينان العامان لوزارتي خارجيتنا في الأيام القليلة القادمة"
وفي ختام تصريحه، أكد وزير الخارجية الفرنسي، أنها "هناك رغبة مشتركة للدخول إلى مرحلة جديدة من علاقتنا، علاقة متكافئة بين فرنسا والجزائر من أجل المنفعة المتبادلة لبلدينا وشعبينا، وهذا هو الهدف من زيارتي اليوم".
وقد أدّى بارو اليوم زيارة للجزائر، وأجرى محادثات مع الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره أحمد عطاف، في إطار الاتفاق الذي تم بمنتسبة المكالمة الهاتفية، التي جرت بين رئيسي البلدين، في 31 مارس المتصرم، والتي تضمنت ورقة طريق لحل الأزمة القائمة منذ ثمانية أشهر.