
38serv
طالب لحسن زغيدي، الرئيس المشترك للجنة الجزائرية الفرنسية للذاكرة، الجانب الفرنسي بتنفيذ تفاهمات الاجتماع الخامس للجنة. وخاطب، في حوار للتلفزيون، سهرة الخميس، نظراءه الفرنسيين في اللجنة ومن ورائهم السلطات الفرنسية لوضع جدول زمني وعملي لتجسيد ما تقرر بخصوص إعادة أرشيف وممتلكات تم نهبها خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، بما فيها تلك التي تعود إلى الفترة العثمانية.
وأشار زغيدي إلى أن الجانب الجزائري حث الطرف الفرنسي، خلال مأدبة غداء دعت إليها السيدة آن كلير لوجوندر، مستشارة الرئيس إيمانويل ماكرون لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، (على هامش الجولة الرابعة) على ضرورة تجاوز المعوقات التشريعية التي تعتبر كل المقتنيات المنقولة من المستعمرات ملكا لفرنسا. وقال "أصررنا على أن يصدر قرار رئاسي بذلك، ما أثار ردود فعل"، في إشارة إلى الأصوات المعارضة لإعادة الأرشيف والممتلكات المنهوبة.
وأضاف زغيدي أن الوفد الجزائر سيذهب إلى باريس (للمشاركة في الجولة السادسة التي تقررت على إثر الاتصال الهاتفي بين رئيسا البلدين)، لأجل تجسيد تفاهمات الجولة الخامسة، موضحا "نحن ذاهبون إلى باريس لأجل استرجاع الأرشيف وليس من أجل إجراء حوار أو نقاش، إلى جانب القيام بمهمة مسح مناطق الجنوب الفرنسي الذي لم يجر فحص مواقع حفظ الأرشيف فيه".
وتحدث عما تحقق في الجولة الأخيرة، حيث تم النبش في محتويات متحف اللوفر الفرنسي الشهير التي نهبت من الجزائر، مضيفا أن الوفد الجزائري ذهل لما احتوته محفوظات من ممتلكات خاصة بالجزائر في 19 مؤسسة وهيكل فرنسي (مكتبة وطنية، متاحف... إلخ) تم فحصها خلال المهمة الأخيرة للجنة بفرنسا والتي دامت 10 أيام.
وكشف زغيدي أن المطالب التي رفعها الجانب الجزائري مؤسسة ومثبتة، حيث تم تقديم بيانات بما تم نهبه من قبل الفرنسيين، وقال "وضعناهم أمام الأمر الواقع دون أي اعتراض أو إنكار من الطرف الآخر وتجاوبوا مع إلحاح الجانب الجزائري".
وذكر المؤرخ بالاتفاق المتوصل إليه لإعادة أكثر من مليوني وثيقة من الأرشيف (نسخ مرقمنة) وكل الممتلكات والمقتنيات التي تعود إلى مرحلة ما قبل الغزو (1830) سواء الأسلحة كالمدافع والأرشيف الورقي والممتلكات التي لها رمزية خاصة لدى الجزائريين التي نهبت من قصر الداي. وأبرز أن الجانب الجزائري أبدى تمسكه باسترجاع كل ما تعلق بمقتنيات الداي، موضحا "لقد أبلغنا الجانب الفرنسي أننا لن نفرط في شيء ولو تعلق الأمر بقلم، إلى جانب مقتنيات الأمير عبد القادر (برنوسه ومصحفه وسيوفه ومدافعه)، وتابع "عاينا مدافع مكتوبة باللغة العربية وختم الجزائر عليها".
وأفاد زغيدي بأن الجانب الجزائري اعتمد على تقرير للقنصل الأمريكي لحظة سقوط مدينة الجزائر، قدمه الدكتور علي تابليت، مشيدا في هذا السياق بالمساندة والدعم الذي قدمه مؤرخون جزائريون لمهمتها، حيث شارك ما لا يقل عن 300 مؤرخ وعالم وخبير جزائري في تقديم الدعم للوفد الجزائري في لجنة الذاكرة. وقال "جرى إمدادنا بمعطيات وبيانات من قبل مؤرخين وعلماء وخبراء جزائريين على أرض الوطن وفي المهجر، ما عزز الحجة الجزائرية في مواجهة الجانب الفرنسي". وتابع "هذه البيانات سلطت الضوء على أشياء كنا نجهلها".
وأشار إلى أن الجولة الرابعة من أعمال اللجنة والتي كانت الأطول، مكنت الجانب الجزائري من فحص محفوظات بحوزة مراكز الأرشيف الفرنسي، بما فيها ذلك الموجود لدى وزارة الدفاع. وتوجت هذه الجولة بالاتفاق على إنشاء بوابة إلكترونية وتبادل الباحثين (15 عن كل بلد) بإجراء بحوث لدى الجانب الآخر.
وبخصوص مطلب الاعتراف والتعويض، أشار المؤرخ الجزائري إلى أنه يجري التمهيد لذلك، وقال "عملنا على انتزاع الاعتراف العلمي بالجرائم، وهو ما حصلنا عليه، وبعد الاعتراف العلمي لا يمكن للسياسي إلا أن يقر بذلك"، في إشارة إلى أن الجانب الفرنسي مجبر على الإقرار بهذه الجرائم.