
إذا صدقنا تصريحات المدرب بن يحيى، فإن المولودية سيطرت على المباراة ضد خصمها الجنوب الإفريقي أورلاندو بيراتس ولا تستحق الخسارة في هذه المباراة، لكن الذي يسجل في أوراق مباراة الفريقين أن الزوار عادوا من الجزائر إلى جنوب إفريقيا بثلاث نقاط ثمينة جدا، قد تسهل عليهم إدارة مباراة العودة، حتى وإن كانت المولودية هذه السنة تحسن اللعب خارج الديار.
والسؤال الذي يطرح دائما، في مشاركة الأندية الجزائرية في السنوات الأخيرة في دوري رابطة الأبطال الإفريقية، هل النوادي الإفريقية لها من القوة ما يصعب مجاراتها، خصوصا في هذه الأدوار المتقدمة من التصفيات؟ أم أن المشكل في النوادي الجزائرية على اختلافها التي لم يرتق أداؤها فنيا وتكتيكيا ونفسيا إلى المستوى الذي بلغته النوادي الإفريقية؟
يعكس انهزام مولودية العاصمة على أرضية ميدانها وأمام أنصارها حقيقة لا يمكن تغطيتها مهما استعملت أنواع المساحيق لذلك، وهي أن مستوى البطولة الوطنية ضعيف على أكثر من صعيد، وهذا الضعف يظهر في مستوى اللاعبين الناشطين بها، حيث لا يوجد في كامل تعداد لاعبي البطولة سوى عدد قليل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ممن يملكون "شارة دولية"، يضاف إليها تأطير تقني وفني غير واضح المعالم ولا يتوفر على مشروع رياضي يجري تنفيذه بالتدريج، والأهم من ذلك أن اللاعب المحلي لا يجتهد ولا يبذل المجهود المفروض على اللاعب المحترف وهمه الأوحد " الأجور والعلاوات ".
لكن هل هذه النقائص في المستوى الكروي مردها ضعف الإمكانيات المرصودة والممنوحة للنوادي وبالتالي لا يمكن انتظار نتائج أكثر مما هو منتظر؟ لا أظن أن إمكانيات نادي الهلال السوداني أكبر مما تتوفر عليه مولودية الجزائر التي تحظى بدعم أكبر شركة في إفريقيا، ما يعني أن القضية ليست في الإمكانيات وحدها، بل نقطة الضعف في غياب التسيير الاحترافي لمفهوم النادي وليس الفريق، وهذا الذي لم يستطع الارتقاء إليه لعوامل شتى، منها ضعف في الكادر البشري والتقني وانعدام مدارس تكوين اللاعبين بالمواصفات الدولية وغياب عقلية التنافس "دوليا" والانغماس في "المحلية" المميتة، أي المهم أن أكون "بطلا" متسيدا داخل الحدود المحلية للبطولة الوطنية .
إن ثقافة فرض الوجود دوليا بالنسبة للنوادي الجزائرية تعد الحلقة الضعيفة في بنيتها واللاعب فيها تظل تسكن بداخله دوما "المحلية" ولن يستطيع التخلص منها، لأنها تتطلب الاجتهاد والتضحية بكثير من الأشياء في الحياة، وهو ما ليس بمقدور اللاعب المحلي التفريط فيه سوى لقلة قليلة منهم برزت وانتقلت للعب في المستوى العالي بالخارج.
وبمعادلة بسيطة، كم صدرنا من لاعب من البطولة الوطنية إلى الخارج في سنة واحدة وكم استوردنا بديلا له من لاعب، النتيجة الحسابية لا تترك مجالا للشك، بأن البطولة لا تنتج لاعبين كبارا ولا متوسطين، بدليل أن المنتخب الوطني مستغن كليا عن خدماتهم منذ سنوات، وبالتالي هي بطولة تسلية وقتل الوقت وليست لفرض الحضور والوجود قاريا سوى في حالات استثنائية بعدما كانت هي القاعدة.