سكان غزة بين الحصار والجوع والموت والتهجير

+ -

تشن قوات الاحتلال الصهيوني غارات جوية وقصفًا مدفعيًا مكثفًا على جنوب ووسط قطاع غزة، مما أدى لاستشهاد 50 وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء، موازاة مع توسيع الجيش الصهيوني عملياته البرية في رفح وتهجير السكان قسرا، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب منع وصول المساعدات الغذائية وغلق جميع المخابز في غزة، إذ دقت وكالات الإغاثة ناقوس الخطر من تفشي المجاعة في القطاع، تتواصل هذه الإبادة الجماعية وسط صمت دولي مريب، مع تعثر محاولات إعادة إحياء اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت مصادر طبية، إن قوات الاحتلال شنت منذ فجر اليوم، غارات جوية وقصفًا مدفعيًا مكثفًا على جنوب ووسط قطاع غزة، مما أدى لاستشهاد 50 وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء. وارتكبت أكبر مجزرة عندما قصفت طائرات الاحتلال عيادة للأونروا تؤوي نازحين في مخيم جباليا، خلفت 19 شهيدا بينهم 9 أطفال وعشرات الجرحى. كما استشهد 12 فلسطينيا وأصيب آخرون في قصف منزل وسط خان يونس جنوبي قطاع غزة، كما استشهد 13 آخر في مناطق متفرقة، على غرار شرقي خان يونس وشمال شرق مدينة رفح ومخيم النصيرات وسط القطاع ومدينة دير البلح. في المقابل قالت سرايا القدس، إنها قصفت سديروت ومستوطنات غلاف غزة برشقة صاروخية. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت صاروخا واحدا أطلق من شمال قطاع غزة.

 

إغلاق كل المخابز

 

في الجانب المعيشي، أغلقت جميع مخابز جنوب قطاع غزة أبوابها بسبب نفاد الوقود والمواد الأساسية اللازمة لعملها. وقالت جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة، إن برنامج الأغذية العالمي الذي كان يدعم عددا من المخابز في القطاع أبلغهم بتوقف توفير الدقيق بسبب نفاده من المخازن. وأشارت الجمعية إلى أن إغلاق المخابز سيؤدي لتفشي المجاعة في القطاع، ودعت إلى الضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المساعدات والمواد الغذائية.

وقال رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أمجد الشوا، إن القطاع يعيش مرحلة غير مسبوقة من الكارثة الإنسانية، وإن قدرة الاستجابة الإنسانية تضاءلت بشكل كبير مع تزايد الاحتياجات.

وأدان المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، حملة التجويع التي يمارسها الكيان ضدّ المدنيين في قطاع غزة، وحثّ الدول على ممارسة عدّة ضغوط على الكيان وفرض عقوبات عليها لدفعها إلى التوقف عن ممارساتها التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني.

 

اليونيسيف: "100 طفل يقتلون ويصابون في اليوم"

 

إلى ذلك، أفادت وكالة "أسوشيتد برس" -نقلا عن تقارير أممية- نزوح نحو 140 ألف فلسطيني منذ استئناف الحرب على غزة، وعشرات الآلاف فروا من مناطقهم الأسبوع الماضي.

كما نقلت الوكالة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قولها "إن عددا من السكان في قطاع غزة يضطرون لتجاهل أوامر الإخلاء بسبب معاناة الانتقال لأماكن أخرى".

وقالت "اليونيسيف" إن 322 طفلا استشهد وأصيب 609 آخرون منذ استئناف حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة في 18 مارس الماضي.

وأفادت المنظمة في بيان، أمس، إن معدل الوفيات والإصابات في صفوف أطفال عزة بلغ في العشرة أيام الماضية ما يقارب 100 طفل في اليوم، وأكدت أن الأرقام تشمل الأطفال الذين سقطوا في استهداف الجيش الصهيوني لقسم الجراحة في مستشفى ناصر جنوب مدينة غزة في 23 مارس المنصرم.

وأشارت المنظمة إلى أنه بعد مرور قرابة 18 شهرا من الحرب، تفيد التقارير بأن أكثر من 15 ألف طفل استشهدوا وأصيب أكثر من 34 ألفا آخرين، في حين هجر حوالي مليون طفل مرارا وتكرارا وحرموا من حقهم في الخدمات الأساسية.

وقالت اليونيسيف "إن استمرار منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس الماضي، يفاقم الأزمة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون بغزة والمتمثلة في ندرة وصعوبة الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب والمأوى والرعاية الطبية".

ورجحت المنظمة الأممية ارتفاع معدلات سوء التغذية والأمراض بين سكان القطاع المحاصر في ظل استمرار منع دخول المساعدات، الأمر الذي سيرفع معدل وفيات الأطفال التي كان يمكن تفاديها.

 

الاحتلال يوسع احتلال غزة

 

وفي خطوة تصعيدية جديدة، أعلن وزير الدفاع الصهيوني، اليوم، توسيع نطاق عملياته العسكرية في رفح جنوب قطاع غزة، تحسبا لاحتلالها.

وأضاف، في بيان، أنه سيكون هناك إجلاء واسع النطاق للسكان من مناطق القتال، ودعا سكان غزة إلى القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى الصهاينة، زاعما أن هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب.

ومن جهتها، قالت هيئة عائلات الأسرى الصهاينة "إن الحكومة تدخل مزيدا من الجنود لغزة بدلا من إخراج الأسرى ضمن صفقة تبادل وإنهاء الحرب. وتساءلت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة ما إذا كانت حكومة بنيامين نتنياهو قد اتخذت قرارا بالتضحية بـ"المختطفين" من أجل السيطرة على أراض في غزة، مؤكدة أن العائلات تشعر بأن هذه المهمة أصبحت هامشية.

وكشفت وسائل إعلام عبرية، أن حكومة بنيامين نتنياهو قدمت مقترح هدنة جديدة في قطاع غزة مقابل أن تفرج حماس عن 11 أسيرا صهيونيا على قيد الحياة، يقابله وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما.

وبحسب القناة، فإن تل أبيب تعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، لكن هذا سيتطلب تصعيدا إضافيا للضغط العسكري على حماس.

في المقابل، دعت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف العدوان والعودة إلى الاتفاق وتمكين عمليات تبادل الأسرى، قائلة إن "على من يراهنون على انكسار شعبنا التوقف مليا أمام عظمة وإصرار هذا الشعب وأبنائه في المقاومة". وأضاف بيان للحركة أن "الشعب الفلسطيني يؤكد رفضه لكل محاولات إخضاعه وتصفية حقوقه، وإصراره على التمسّك بالأرض والثوابت وحقوقه بالحرية وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير". ووصفت حماس نتنياهو بـ"مجرم الحرب"، وأكدت أن ما يشجعه على مواصلة الاستهتار بالقوانين الدولية هو غياب المحاسبة وعجز المجتمع الدولي.

كلمات دلالية: