"أطفال السيدة ماسو".. الجريمة المنسية للاستعمار الفرنسي

38serv

+ -

بثت القناة الفرنسية العمومية "فرانس 3"، منذ أيام، وثائقيا مر مرور الكرام، سلط الضوء على جريمة منسية للاستعمار الفرنسي في الجزائر، كانت بطلتها زوجة السفاح، الجنرال جاك ماسو.

وصفت القناة قصة الوثائقي الذي يحمل عنوان "أطفال السيدة ماسو"، من إخراج ماكسيم رويز وستيفان بيهون، بـ"الخارجة عن المألوف"، وتخص أكثر من 800 طفل جزائري، روى الفيلم قصص 3 منهم، صارت أسماؤهم فرانسيس، دانيال، فريديريك.

من هو جاك ماسو.. ومن هي زوجته؟

لكن قبل التطرق إلى هذه الجريمة الأخرى للاستعمار الفرنسي، وجب التذكير بمن هو جاك ماسو وزوجته.. ففي نهاية 1956 وبداية 1957 وجهت جبهة التحرير الوطني ضربات موجعة للاحتلال في العاصمة، فتم الاستنجاد بقائد الفرقة العاشرة للمظليين، جاك ماسو، وسلمت له صلاحيات الشرطة لإخماد "معركة الجزائر".

العسكري تفنن في تعذيب المجاهدين والمدنيين، واعترف بذلك في مذكراته الصادرة سنة 1971 تحت عنوان "معركة الجزائر الحقيقية".

وكان من بين مساعديه السفاح الآخر، بول أوساريس، قاتل الشهيد الرمز، العربي بن مهيدي. وقام خلال محاولته وأد "معركة الجزائر" بحصار المدينة واعتقال الجزائريين بالآلاف وتعذيب الغالبية منهم.

وظل ماسو الرجل القوي في العاصمة بأساليبه الوحشية إلى غاية شهر جويلية 1958، حيث أعفاه الرئيس الفرنسي، الجنرال ديغول، من مهامه، بعد أن وجه ماسو انتقادات لطريقة تسيير شارل ديغول الملف الجزائري في حوار مع جريدة ألمانية.

أما زوجته، سوزان ماسو، المولودة روزنبارت، من البورجوازية الباريسية، فهي مناضلة يسارية تزوجت السياسي هنري توريس، قبل أن ينفصلا والتحقت بصفوف المقاومة الفرنسية ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تعرفت بزوجها جاك ماسو ورافقته طوال مسيرته الدموية من الهند الصينية إلى "معركة الجزائر"، فما هي قصة الوثائقي؟

ماسو يقتل الآباء.. وهي ترعى أيتامهم!

كل شيء بدأ مع اندلاع الثورة التحريرية، وقيام جيش الاحتلال بحرق وتدمير القرى والمداشر، كما ذكّر به، مؤخرا، الإعلامي جون ميشال أباتي، مثيرا غضب فرنسا التي ترفض الاعتراف بماضيها الأسود في الجزائر.

سياسة الأرض المحروقة دفعت بسكان القرى الناجين للرحيل نحو المدن، من بينهم آلاف اليتامى الذين وجدوا في شوارع العاصمة ومدن أخرى ملجأ بعد أن فقدوا كل شيء.

وفي أفريل 1957 اهتدت سوزان ماسو إلى فكرة إنشاء جمعية أطلقت عليها اسم "جمعية تنشئة الشباب"، قامت عبرها باستقبال مئات الأطفال الجزائريين اليتامى، وقُدّر عددهم، حسب ما ورد في الوثائقي، بأكثر من 800، في عدد من المدن، أهمها العاصمة. وعملت، حسب ما أظهره الوثائقي، على محو هويتهم الجزائرية والدينية، وتم إطلاق عليهم أسماء فرنسية.

وكما سبق الذكر، جاءت فترة سقوط زوجها، فبعد تنحيته من منصبه، طُلب منه الالتحاق بفرنسا، فطرحت مسألة ما العمل بهؤلاء الأطفال؟

سوزان ماسو لم تتردد كثيرا، وقررت نقلهم إلى منطقة بيارن في فرنسا، حيث تم استقبالهم في مراكز واصل تسييرها مؤطرو جمعيتها واستمرت وتسارعت عملية محو الهوية.

ومع استقلال الجزائر، يشير الوثائقي، تم طرح أيضا مسألة هل يتم التكفل بالأطفال المرحلين أو يسمح لهم بالعودة إلى الجزائر، ويكشف هنا معدا الفيلم أن مسؤولي "جمعية تنشئة الشباب" ضغطوا عليهم (الأطفال) للبقاء في فرنسا، وهو ما تم فعلا، فعدد قليل منهم فضلوا الرجوع إلى الجزائر.

 

والقضية هذه تذكّر بقضية الأطفال الأوكرانيين، التي اتُهمت فيها روسيا باختطافهم بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، شهر فيفري 2022، وأقام الغرب وفرنسا طبعا الدنيا، وهذه ممارسة كان الاستعمار الفرنسي سبّاقا فيها، كما كان سبّاقا في قتل الجزائريين بأبشع الطرق، كما ذكره الإعلامي جون ميشال أباتي.