+ -

يخطو المجلس الشعبي الوطني، اليوم، أول خطوات استصدار تشريع يجرم الاستعمار، الأمر الذي عجز عنه نواب العهدات البرلمانية السابقة رغم إصدار البرلمان الفرنسي قانونا يمجد احتلال الجزائر بمبادرة من اليمين.

وحرص المجلس في إرسالية للصحافة على الترويج الإعلامي والسياسي للمبادرة التي دعيت كل المجموعات النيابية للمشاركة فيها، لإعطاء شرعية أكبر لها وإخراجها من مظلة الكتل البرلمانية.

وفي هذا الصدد أشار موسى عبدي، مندوب مقترح تجريم الاستعمار في عهدتان بين 2007  و2017، إلى أن وحدة المجموعات البرلمانية حول المبادرة خطوة ضرورية جدا لنجاح المبادرة. وتابع في تصريح لـ"الخبر" بالهاتف أن التفاف الكتل النيابية يشكل عامل قوة لتمرير المقترح واعتماده لاحقا.

وأوضح عبدي وهو ابن شهيد قائلا: "العمل المشترك ما كنا نفتقده عند طرح مقترحه قبل خمسة عشر عاما"، في إشارة إلى أن المشروع لم يحظ بالدعم من قبل قوى نيابية رئيسية في تلك الفترة رغم تأييد غالبية النواب له بتوقيع أكثر من 100 نائب على المبادرة (لم ينخرط فيها نواب التجمع الوطني الديمقراطي مثلا لمعارضة قيادة الحزب في تلك المرحلة أي توجه بهذا الخصوص) .

ولاحظ النائب السابق أن بعث المشروع "دليل على وجود إرادة سياسية قوية على مستوى هرم الدولة" و"بيان على الشجاعة السياسية التي يتمتع بها الرئيس عبد المجيد تبون الذي أولى اهتماما كبيرا بقضايا الذاكرة والثورة التحريرية، عكس مرحلة الأوليغارشيا السياسية والبيروقراطية المالية التي كانت مهيمنة على القرار لحظة طرح مقترحه والتي كانت لها مصالح سياسية واقتصادية مع فرنسا".

وتابع قائلا: "إن استصدار تشريع جزائري لا بد أن يتبع بتدويل القضية والعمل تجاه الدول ضحية الاستعمار الفرنسي للحصول على إدانته واعتراف من الدولة الفرنسية بالجرائم التي ارتكبها المستعمرون على مستوى المؤسسات الدولية". وفي السياق ذاته أشار النائب الأسبق محند أرزقي فراد إلى أن الظروف "نضجت" لإنجاز هذه الخطوة التي ناضل من أجلها في العهدة 1997-2002. ورحب فراد بالمبادرة وأمله أن تمضي إلى نهايتها، رغم أنه كان يأمل في إنجاز قانون لتجريم الاستعمار مبكرا، وقال لـ"الخبر": "وددت لو تم اعتماد قانون تجريم الاستعمار كفعل وليس رد فعل في إطار الصراع مع فرنسا"، مضيفا: "يجب ألا ننسى أن قانون تمجيد الاستعمار الذي أصدرته الجمعية الوطنية الفرنسية (قانون 23 فيفري 2005) صدر قبل 20 عاما".

وتأسف فراد، وهو ابن شهيد، لتفويت البرلمان اعتماد المشروع الذي بادر به برعاية 50 برلمانيا من مختلف المجموعات النيابية، حيث تم إقباره في آخر لحظة رغم الدعم الواسع الذي حصل عليه من نواب تلك الفترة.

من جهته أشار النائب يوسف عجيسة، صاحب مقترح في العهدة السابقة للمجلس الشعبي(2017-2021)، إلى أهمية المقترح فهو خطوة أولى يجب أن تتبع بمزيد من القرارات، وقال: "الأوان حان لإنجاز المشروع أو التلويح به في ظل التحرش الذي تتعرض له الجزائر من قبل القوة الاستعمارية السابقة". وتابع: "يجب ألا يتوقف الحد عند رفع التجميد عن قانون مطالبة الاستعمار الفرنسي بالاعتراف بجرائمه والاعتذار والتعويض"، مقترحا اعتماد خطوات لما وصفها بـ"قطع الحبل السري" الذي يربط الجزائر بفرنسا، وهو الجانب الثقافي واللغوي، ويكون ذلك بإحياء قانون اللغة العربية المجمد.

وأعلن البرلمانيون الثلاثة استعدادهم لوضع خبرتهم تحت تصرف المجلس الشعبي الوطني لإنجاز هذا القانون، حيث قال موسى عبدي: "في حال وجهت لي الدعوة "سأساهم بخبرتي وتجربتي في إنجاز المشروع وتسليم نسخة من مبادرته التي اعترضت عليها الحكومة في تلك الفترة".

وصدر الموقف نفسه عن النائب والمؤرخ محند أرزقي فراد قائلا: "سأكون تحت تصرف المجلس إذا طلب مني ذلك".