38serv

+ -

دُفن، اليوم ظهرا، في مقبرة العالية بالعاصمة، المحامي والحقوقي الكبير وضابط جيش التحرير الوطني، حسين زهوان، عن عمر 90 عاما، تاركا بصمة لافتة في تاريخ الجزائر الحديث، تميزت بمحورين أساسيين: وقوفه الشهير ضد انقلاب 19 جوان 1965، وانخراطه في النشاط الحقوقي الذي قاده إلى رئاسة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.

 توفي زهوان، ليل الإثنين، في مستشفى بالعاصمة، حيث كان يتلقى العلاج مؤخرا، حسبما أفاد به العديد من الناشطين الحقوقيين عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي .

 وُلد الراحل في ولاية تيزي وزو، وانضم، وهو لم يبلغ العشرين، إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ولاحقا إلى حزب الشعب الجزائري، وكان من الطبيعي أن يكون من الأوائل الذين شاركوا في ثورة التحرير عندما اندلعت في 1 نوفمبر 1954.

 وبسبب نضاله من أجل الاستقلال، اعتقلته سلطات الاحتلال الفرنسي عام 1955، وفي سجونها قاد إضرابا عن الطعام رفقة العديد من المناضلين. بعد أن قضى عامين في السجن، انضم إلى الولاية التاريخية الثالثة (القبائل الكبرى) حيث أصبح ضابطا ثم مفوضا سياسيا في الولاية.

وفي مارس 1960، انضم إلى الحكومة المؤقتة. بعد الاستقلال، أسس، رفقة مناضلين أصحاب التوجه اليساري، "الاتحاد الجزائري لجبهة التحرير الوطني"، تنظيم أدى دورا هاما في التأسيس لقطاعي الزراعة والصناعة، وعُرف بتوجه معادٍ لمركزية إدارة الاقتصاد.

 وشكل زهوان، مع المناضل الكبير، محمد حربي، ثنائية في الجناح اليساري للأفالان، المطالب بـ"جزائر شعبية وتقدمية"، خلال السنوات الأولى للاستقلال. واستمر زهوان على هذا النهج المناكف لأصحاب النفوذ، حتى جاء الانقلاب العسكري عام 1965، حيث أظهر معارضة شديدة للتغيير بالقوة الذي نفذه العقيد هواري بومدين ضد الرئيس أحمد بن بلة.

وترجم هذا الموقف بإطلاق "منظمة المقاومة الشعبية" مع رفيق دربه محمد حربي، ومناضلين كبار في الحركة الوطنية أمثال بشير حاج علي وعبد الحميد بن زين، وكان هو الناطق باسم المنظمة، مما جلب له متاعب مع السلطة الجديدة التي وضعته في الإقامة الجبرية بالجنوب من 1965 إلى 1971.

 وفي 1973، اختار المنفى في فرنسا مع حربي، وعاد إلى الجزائر بعد وفاة بومدين عام 1978. وفي عهد الرئيس الشاذلي بن جديد (1979-1992)، ظل زهوان على نفس الخط المعارض لمنظومة الحكم، فاختار المحاماة كعضو في مجلس نقابة محامي الجزائر العاصمة، مكرسا نشاطه للمرافعة عن المعارضين المعتقلين، ومنهم من عُرفوا بـ"مجموعة مساجين البرواڤية".

 وفي 1985، أسس مع الراحل علي يحيى عبد النور "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان". ولاحقا، نشبت خلافات كبيرة بينهما أدت إلى انقسام التنظيم الحقوقي إلى كيانات متفرعة، وظل هو يطالب بـ"شرعيته" كرئيس للرابطة التاريخية.