+ -

انطوت برقية وكالة الأنباء التي تحدثت عن امتيازات فرنسا في الجزائر من استغلال الممثليات الدبلوماسية للعقارات بالفرنك الرمزي، واستفادة شركاتها من مزايا عديدة، وما تضمنته من عبارات ومفردات حادة وجريئة، على مؤشرات تؤكد تغير نهج السلطات الجزائرية، في التعاطي مع التصريحات والمواقف الآتية من باريس وخصوصا تلك الصادرة من وزير الداخلية برونو روتايو.

ويُفهم من بين سطور برقية الوكالة وعبر عباراتها الثقيلة، أن الجزائر غيرت في اللغة، وصعدت إلى مستوى أعلى في اتصالها السياسي مع باريس، وجاء ذلك بعد تصريحات وخرجات جريئة لوزير الداخلية روتايو، تخرج تماما عن ثفافة الدولة .. كما تأتي بعد أن تبين أن إشارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ليست سوى سراب في الصحراء.

واستخرجت السلطات الجزائرية في البرقية الملفات المسكوت عنها، في سياق تلويح الحكومة الفرنسية بتبني نهج تدريجي في الضغط على الجزائر، كما لو أن السلطات تريد وضع الرأي العام في الصورة بخصوص من المستفيد في العلاقة بين البلدين، وغلق المجال أمام المعلومات والتأويلات التي تصوّر الجزائر دولة متطفلة او مستفيدة من مساعدات فرنسية، مثلما يدعي رموز اليمين المتطرف.

 وبناء على محتوى البرقية ومفرداتها، يتبين أيضا أن السلطة في الجزائر، أرادت توضيح وتصحيح الرؤية للرأي العام الداخلي، الذي بدأ يضيق ذرعا من الاستفزازات القادمة من وراء البحر، ويتساءل متى يغير الخوف موقعه؟ في ظل تصاعد غير معقول في خطاب اليمين المتطرف وسيطرته على المشهد السياسي في فرنسا، لدرجة صار له اسقاطات وتداعيات اجتماعية ونفسية ومهنية على أفراد الجالية.

 ويُراد من مضمون البرقية، إعادة تذكير الطرف الآخر بأوراق الضغط المملوكة لدى الطرف الجزائري، خاصة موضوع الممتلكات العقارية الموضوعة "تحت تصرف فرنسا داخل الجزائر وطالما تجاهلته باريس ويكشف بوضوح عن معاملة غير متكافئة بين البلدين".

 وذهبت السلطات في إبراز من المستفيد، إلى كشف تفاصيل بالأرقام حول "المزايا التي تستفيد من الممثليات الدبلوماسية والشركات الفرنسية"، فذكرت أن "هناك 61 عقارا في المجموع تشغلها فرنسا على التراب الجزائري مقابل إيجارات جد منخفضة، بينها مقر سفارة فرنسا الذي يتربع على مساحة شاسعة تقدر بـ 14 هكتارا بأعالي الجزائر العاصمة، مقابل إيجار جد زهيد لا يغطي حتى سعر غرفة الخدم بباريس وإقامة سفير فرنسا، المعروفة باسم "ليزوليفيي"، وتتربع على مساحة 4 هكتارات ومؤجرة بالفرنك الرمزي، على أساس سعر إيجار لم يتغير منذ سنة 1962 إلى غاية شهر أوت ".

 وهذا مجرد غيض من فيض وما خفي أعظم، بتعبير الوكالة الرسمية، الذي يوحي بأن الجانب الجزائري بحوزته أوراقا أخرى من شأنها مناكفة باريس بها، في حالة ما إذا استمرت هذه الأخيرة في نهجها التصعيدي والاستفزازي، على حد تقييم العديد من المراقبين المتابعين للشأن الفرنسي.

 وبهذه المفردات والعبارات، يبدو ان العلاقة بين البلدين تتجه إلى المزيد من التعقيد والتصعيد، في ظل غياب مؤشرات تفيد بعكس ذلك، باستثناء نداءات عقلاء ومؤرخين، لم تجد من يسمعها. كما يتضح من خلال المستوى الذي بلغه التجاذب السياسي بين الضفتين، أن العلاقة تمزقت ولم تعد قابلة لاستعادة شكلها السابق، إلا في حالة ذهاب هذه الحكومة ومجيء أخرى متحررة من قيود اليمين المتطرف.

 

كلمات دلالية: