
38serv
وافق الباحث الكبير في تاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر وقضايا الهجرة، بن جامان ستورا، على إجراء حوار قصير مع موقع "الخبر" حول التوترات الحالية بين البلدين. فيما يلي إجاباته على الأسئلة.
تشهد الأزمة الحالية بين فرنسا والجزائر تجاذبا بين طرفين داخل الطيف الحاكم في فرنسا: الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يمثل الجناح المعتدل الساعي لتهدئة التوترات، ووزير الداخلية، برونو روتايو، الذي يميل نحو التصعيد.. كيف تتوقعون نهاية هذه المواجهة بينهما؟
أراقب تطورات مواقف مختلف أعضاء الحكومة الفرنسية. أرى، فعلا، موقفا متشددا ضد الجزائر من وزير الداخلية، الذي يتحدث عن "شد وجذب" مع الجزائر، ومن جهة أخرى، هناك موقف تصالحي من وزير الخارجية، الذي يتحدث عن الخروج من الأزمة من خلال الحوار. يبدو أن رئيس الجمهورية يميل إلى الموقف الأخير، لكنني لم أتناقش معه في هذه القضايا منذ عدة أشهر.
لا أرى كيف يمكن الخروج من هذه الوضعية، إلا من خلال استئناف الحوار.
من الواضح أن مشروع "مصالحة الذاكرتين"، الذي أنتم أحد المسؤولين عنه، يعد أكبر ضحية لهذه التوترات.. هل يمكنكم تأكيد التوقف النهائي للعمل الذي بدأته لجنتا المؤرخين الجزائريين والفرنسيين حول هذا الملف؟
فعلا.. لم نجتمع منذ ماي 2024، في حين أن اللقاءات، التي كانت قد تمت خمسة منها منذ 2023، قد جرت بشكل جيد للغاية، خاصة العمل التاريخي حول القرن التاسع عشر، وهو جرد زمني للتوغل الاستعماري الفرنسي، وبحث مراجع (كتب وأرشيفات).
تم أيضا مناقشة إمكانية استرجاع فرنسا للأشياء التي تخص الأمير عبد القادر. ولكن ذلك لم يكن ممكنا على الفور، حيث ذكر المسؤولون ضرورة وجود قانون عام لهذا الاسترجاع. للأسف، جاءت تقلبات الأزمة السياسية لتصطدم بهذا العمل، وأصبحت أنشطة اللجنة في حالة تعليق.
دار نقاش حاد مؤخرا في فرنسا بشأن المقارنة التي أجراها الصحفي جان ميشيل أباتي حول الجرائم النازية والممارسات الاستعمارية في الجزائر. بغض النظر عن موقف السياسيين الفرنسيين من هذه المسألة، هل تعتقد أن المجتمع الفرنسي مستعد للاعتراف بأن جرائم فرنسا في الجزائر كانت جرائم ضد الإنسانية، وأن فرنسا يجب أن تقدّم اعتذارا عن ذلك؟
تاريخ التوغل الاستعماري الفرنسي طوال القرن التاسع عشر، المذابح والمقاومات، من الغرب إلى الشرق في البلاد، مع معارك الأمير عبد القادر، وحصار واحتلال قسنطينة في 1837، ومجزرة سكان الأغواط، وثورة القبائل في 1871، تلتها مصادرة الأراضي بشكل واسع، ثم نفي المسؤولين إلى كاليدونيا الجديدة (ويمكنني أن أعدد العديد من الوقائع)، مع إقامة المستعمرات الاستيطانية... كل ذلك غير مُدرّس في فرنسا. بدلا من ذلك، يُذكر ما يسمى بـ"الاستعمار السعيد". لذلك، كانت المفاجأة كبيرة عندما أراد جان ميشيل أباتي مقارنة الفظائع الفرنسية بالجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب العالمية الثانية.
في الواقع، هو ليس الأول الذي يتحدث بهذه الطريقة، فقد تم طرح هذا السؤال بالفعل من قبل الفلاسفة، مثل أرندت وسيمون فاي في الأربعينيات. لذا، هناك جهود كبيرة يجب بذلها في مجال التعليم لنقل تاريخ فرنسا بشكل صحيح. ما قمت به من جانبي كان نشر كتاب بعنوان "تاريخ الجزائر الاستعماري" في عام 1992 (منشورات لا ديكوفرت). لكن المجتمع لم يكن مستعدا بعد للاستماع.. الأجيال الشابة تبحث عن هذا التاريخ الاستعماري، وعن تاريخ العبيد. سيكون من الصعب إيقاف هذه الحقيقة التي تسير قدما.