تواصل الأحزاب السياسية إثراء مسودة مشروع تعديل قانون الأحزاب وسط جدل حول بعض مقترحاته، خاصة ما يتعلق بتحديد هيئات ولجان الأحزاب مع إلزامها بالتداول القيادي، وحل الحزب في حال عدم تقديمه مرشحين لموعدين انتخابيين متتاليين على الأقل.
وفرض المشروع وفق نص المادة 37 تشكل الحزب السياسي من أجهزة ولجان وطنية ومحلية يتم انتخابها وتجديدها، على أسس ديمقراطية قائمة على قواعد الاختيار الحر، حيث يتكون الحزب السياسي من جهاز مداولة وجهاز تنفيذي يسهران على قيادته على المستوى الوطني.
وينتخب الحزب هذين الجهازين لفترة مدتها خمس سنوات كأقصى حد، ويمكن تجديدها بصفة متتالية مرة واحدة.
كما يتضمن المشروع إجراءات جديدة لإنشاء الأحزاب، من بينها اشتراط تمثيل 50 في المائة من ولايات البلاد في المؤتمرات التأسيسية.
وقد تحفظت قيادات حزبية على هذه المقترحات باعتبار أن الحزب السياسي ليس مؤسسة إدارية أو رسمية، كما أن تقييد البقاء على رأس التشكيل السياسي بمدة معينة يتعارض مع حرية التعددية السياسية التي يقرّها الدستور.
وفي هذا الصدد، يرى حزب العمال أن "محرّري مشروع قانون الأحزاب الجديد ينظرون إلى الأحزاب السياسية كمؤسسات اقتصادية أو إدارية تفرض عليها إجراءات لا تمتّ بصلة للعمل السياسي وتضعها تحت رقابة الإدارة المطلقة في المجالات المتعلقة باشتغالها وحتى مبادئها وطبيعتها التي هي من صلاحية مؤسّسيها ومؤتمراتها وقياداتها المنتخبة والمفوضة لاتخاذ القرارات حصريا".
وضم الحزب، في بيان له، صوته لأصوات الأحزاب التي عبّرت عن رفضها لما جاء في المشروع، مذكرا أن "التعددية الحزبية الأصيلة والنقابات والجمعيات المستقلة هي بمثابة المتاريس والترع التي تحمي البلد من الفوضى حيث هي المؤطرة للمجتمع".
فيما انتقد الحزب ما وصفه بـ"التوجّه الخطير" وذلك من خلال "شرعنة تسلط الإدارة على العمل الحزبي والحق في التنظيم السياسي المستقل خاصة، ما يتنافى مع تصريحات رئيس الجمهورية الذي أكد أنه لا يرغب في ممارسة التسلط على النشاط الحزبي ويسعى من أجل تكريس الممارسة السياسية الحرة والنزيهة".
و من جهته، أعرب السكرتير الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، عن قلق الأفافاس حول مضمون قانون الأحزاب، وأشار خلال لقائه مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى أن صيغته الأولية لا تعزز إلا سطوة الإدارة وتفرض الوصاية على المجتمع السياسي. معبرا عن أمله العميق أن تتدارك صياغتها النهائية كل الاختلالات المسجلة في هذا الصدد وتفرز نصوصا في مستوى التطلعات الديمقراطية وتجسد حقا التعددية السياسية.
ويعد مقترح تحديد العهدات النقطة الأكثر جدلا في القانون، إذ أنه لا يكتفي بتقييد فترة رئاسة الحزب بل يتعداه إلى الهيئات القيادية الداخلية للحزب، وتعليقه يرى رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، "بأن المادة 37 من هذا القانون ستمنع الكوادر القيادية الذين ناضلوا لمدة 10 سنوات لبناء الحزب، الحق في الترشح لرئاسة الحزب كما توجبهم مغادرة المجلس الوطني للحزب"، وبرأيه فإن "تقييد القادة السياسيين للأحزاب بعهدتين فقط يعني الاستغناء عن النخبة السياسية التي تكونت داخل الحزب"، ووصف هذا التعديل بـ"غير المقبول، والذي يعتبر تدخلا للإدارة في الشأن الداخلي للأحزاب".
ويرى متابعون أن المسودة ستسمح بتكرار سيناريو قانون الأحزاب الصادر عام 1997 الذي أدى إلى اختفاء الكثير من الأحزاب التي لم تتكيف معه بسبب تبني السلطة آنذاك لنظام الترخيص الذي يقوم على الموافقة المسبقة للإدارة لقيام الحزب قصد تفادي التجاوزات والانزلاق في الممارسة الحزبية.