عاش عالم الثقافة في فرنسا زلزالا حقيقيا الأسبوع الماضي، بعد تسريب يومية "لوباريزيان"، مراسلة سرية بعثت بها مديرة متحف اللوفر الشهير لوزيرة الثقافة عن وضع هذا المرفق، ما دفع الرئيس ماكرون لتنظيم زيارة اليوم إلى المتحف لكن ما أعلن عنه، لن يكون كافيا لإنقاذ اللوفر الباريسي.
أعطت مراسلة لورانس ديكار، مديرة المتحف إلى وزيرة الثقافة رشيدة داتي، صورة قاتمة عن أكبر متحف في العالم وأكثرها استقطابا للزوار، فجاء في الوثيقة أن تسربات المياه طالت اللوحات الزيتية ومختلف التحف الفنية في شتى أجنحة الفضاء الثقافي.
كما عددت المديرة مشاكل أخرى تتعلق بالتجهيزات التي تجاوزها الزمن، وأفادت أن قنوات صرف مياه الأمطار مثلا تستوجب التغيير بطريقة مستعجلة، فصارت تسجل تسربات مياه مع كل تساقط للأمطار وحتى تلف قنوات.
وكشفت المسؤولة أيضا أن البنايات تضررت كثيرا ووضعها ينذر بكارثة إن لم يتم إطلاق مخطط استعجالي. ويستقبل متحف اللوفر الذي فتح أبوابه للزوار يوم 10 أوت 1793 ويتربع على مساحة تفوق 360 ألف متر مربع يوميا قرابة 20 ألف زائر 80 بالمائة منهم سياح أجانب.
حلول ماكرون ليست حتى ترقيعية وفور الجدل الذي أثارته القضية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، عن تنظيم زيارة للمتحف للإعلان عن إجراءات للمحافظة على أحد أهم المعالم السياحية الباريسية، زيارة شجبتها التنظيمات النقابية للوفر ووصفتها بـ"الاستعراض الإعلامي" لا غير.
وعلى ضوء ما أعلنه ماكرون فلم تكن النقابات مخطئة، فأعلن عن أشغال لإنشاء مدخل وفضاء جديد يكون منعزلا عن البنايات القديمة توضع فيه اللوحة الأكثر بحثا من طرف الزوار وهي "موناليزا" لليوناردو دافنتشي وحدد سنة 2031 لنهاية الأشغال، في حين أن قنوات صرف المياه من المستبعد أن تقاوم مياه الأمطار.
وحتى هذا المشروع سيتم تمويله من جيوب السياح الأجانب، فاقترحت وزيرة الثقافة رفع سعر التذكرة للزوار من خارج الاتحاد الأوروبي بداية من 2026 إلى 30 أورو بدلا من 22 أورو التي يدفعها الجميع حاليا، وهو ما شجبته أيضا النقابات ووصفت القرار الذي وافق عليه الرئيس الفرنسي بـ "التمييزي".
وقال محللون إن قضية متحف اللوفر لخصت العجز المالي الكبير الذي تتخبط فيه الخزينة العمومية الفرنسية، فلم يكن بمقدور السلطات تخصيص ميزانية استعجالية ولو بسيطة لمباشرة الأشغال الطارئة.
كما تساءل هؤلاء كيف يصل وضع أكبر متحف في العالم لهذا الوضع، موجهين أصابع الاتهام لمسيريه ووزارة الثقافة خلال العقود الأخيرة، فحسبهم يجب أولا تقديم تفسيرات حول العجز المالي للمتحف وهو أكثر زيارة في العالم، بمعدل يصل 8 ملايين زائر سنويا.