تشهد بلادنا هذه الأيام موجة برد مصحوبة باختلالات كبيرة في درجات الحرارة، والتي تتجاوز الـ 5 إلى 10 درجات بين الفترة الصباحية والفترة المسائية، وهو ما يؤثر سلبا على صحة الإنسان بصفة عامة، وعلى صحة صغار السن بصفة خاصة.
وعن هذه المسألة، أكد لنا البروفيسور مصطفى خياطي، اختصاصي أمراض الأطفال ورئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، أن تفاقم هذه الإصابات يكون بشكل ملحوظ عند الأطفال الذين لا يعوا كيفية التعامل مع الطقس من ناحية اللباس.
فالأطفال يخرجون من منازلهم في الصباح الباكر بألبسة دافئة ومعاطف صوفية، تحسبا لتأثير موجة الصقيع التي تسجل بشكل ملحوظ خلال الفترة الصباحية على صحتهم، ثم يرجعون وينزعوها عند دخولهم أقسام الدراسة أو بالفناء عند طلوع الشمس، ليلجأوا إليها في آخر النهار عند عودتهم لمنازلهم.
علما أن هذا يؤثر على أجسام هؤلاء الصغار الذين يفتقدون لمناعة مماثلة لمناعة أجسام البالغين، وهو ما يعني نقص المقاومة عندهم و الذي يتجسد في إصاباتهم المتكررة بنزلات البرد خلال فصل الشتاء.
كما أكد أن مستشفياتنا تعج حاليا بحالات الأطفال الذين يشتكون من مضاعفات نزلات البرد، ليضيف محدثنا قائلا "أن أكثر الأمراض التي يتعرض لها أطفالنا خلال هذه الفترة من السنة، ممثلة في الإنتانات الصدرية التي تنتشر بكثرة والتي قد تتسبب في موت الصغير، ناهيك عن التهابات الأنف والحنجرة وكذا نزلات البرد المصحوبة بالحمى.
وفي ذات السياق، أكد لنا اختصاصي أمراض الأطفال بمستشفى بلفور بالحراش، الدكتور عبد الناظر فافا، أن هذه الفترة تشهد قمة تصاعد الحالات المرضية للصغار على مستوى الاستعجالات، موضحا أن التهاب القصبات الهوائية تأتي في الصدارة وبنسبة 90 بالمائة.
وأوضح قائلا بأن هذه الفترة تشهد انتشارا واسعا للفيروسات، " ولهذا نجد أن ثقافة وضع الكمامة منتشرة في الصين بكثرة تفاديا لانتقال الفيروس، وهو ما نحتاج له عندنا"، ليضيف محدثنا قائلا أنه من شأن الفيروس المنتشر أن يكون قاتلا خاصة عند الصغار الخدّج أو الأقل من 6 أسابيع أو المصابين بأمراض مزمنة، موضحا أنه كلما كان الطفل صغيرا في السن كلما زادت خطورة الإصابة، علما أنه يتم يوميا استشفاء من 3 إلى 5 أطفال.
ويشار إلى أن إصابات الأطفال التي تعرفها هذه الفترة عبر العالم متعددة، وتأتي في مقدمتها الإنتانات الصدرية "برونكوليت" وهي كثيرة الانتشار، حيث أن 5 إلى 10 من الصغار دون السنة يتعرضون لها.
وتعد السبب الأول لدخول الأطفال المستشفى، حيث يتم سنويا، وحسب معطيات الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، تسجيل 500 ألف حالة استشفاء بسببها، مع تسببها في 1000 وفاة في السنة في أوساط من هم دون الخمس سنوات، علما أن مصدرها الفيروسات وأن تكرر هذه الأمراض الصدرية بمعدل 3 مرات في السنة، يؤدي إلى إصابة الصغير بداء الربو.
كما تتميز هذه الفترة بانتشار التهابات الأنف والحنجرة التي يتعرض لها الصغار بمعدل 3 مرات في موسم الشتاء، وخاصة أطفال المدارس ودور الحضانة، والسبب طبعا راجع لاحتكاكهم ببعضهم البعض وسط هذه الأماكن المغلقة، الأمر الذي يسهل انتشار الفيروس ويعرضهم للعدوى.
كما تعتبر حالات الحمى من الحالات المرضية التي يكثر انتشارها في هذا الوقت من السنة، خاصة عند من هم دون الخامسة والسادسة من العمر والذي يرجع السبب فيها طبعا إلى التغير المناخي.