أثلج خبر العثور على الشاب عمار عتو خلال ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء في قاع بئر جاف يقع بإحدى المزارع الكائنة بإقليم بلدية مزاورو 35 كم جنوبي عاصمة الولاية سيدي بلعباس صدور عشرات المئات وربما الآلاف من أهالي البلديات الجنوبية لولاية سيدي بلعباس وحتى القاطنين بالولايات المجاورة، قياسا بما صنعته حادثة الاختفاء المفاجئ لهذا الشاب المختل عقليا عن الأنظار منذ تاريخ الـ 14 يناير الجاري والهبة التضامنية الكبرى التي خلفتها الحادثة بعد أن تجند كل أطياف المجتمع المحلي من سلطات ومنتخبين ومتطوعين ومختلف ممثلي الأسلاك الأمنية في البحث عن الشاب عتو عمار أملا في العثور عليه حيا لإطفاء "جمرة الفراق المحتوم" التي سيطرت على والديه وأحرقت أكباد أفراد عائلته لفترة تجاوزت الثمانية أيام كاملة.
وكان أعوان وحدة الحماية المدنية لدائرة تلاغ جنوبي عاصمة الولاية سيدي بلعباس قد اشرفوا مساء أمس الأربعاء على عملية إنقاذ عتو عمار بعد سقوطه وصموده في قاع بئر جافة بعمق حوالي 15 متر بالمزرعة المسماة "عمارة" بإقليم بلدية مزاورو 35 كم جنوبي، وهو الشخص الذي أخرج من أسفل البئر في حالة وصفت بالجيدة من قبل الطواقم الطبية مع أن ذلك لم يمنع رجال الحماية المدنية من تحويله على جناح السرعة وفور انتشاله صوب استعجالات مستشفى حديد عيسى بمدينة تلاغ 50 كم جنوبي سيدي بلعباس بشكل احترازي أملا في إحاطته بالرعاية الصحية اللازمة وإفادته بالفحص الطبي الدقيق قياسا بالمدة الطويلة نسبيا التي قضاها وسط قاع بئر جاف.
وتجهل إلى حد كتابة هذه الأسطر الظروف التي جرت وسطها حادثة سقوط الشاب المختل في قاع البئر، مع أن الأمر الايجابي الذي أحاط بالقصة تبقى تلك اللحمة والتضامن الكبيرين اللذان أبان عنهما أبناء منطقة تيغاليمات التي ينحدر منها الشاب المريض وعدد من أهالي البلديات المجاورة على غرار تيغاليمات ومزاورو وغيرها وحتى مواطنون يقطنون ببلديات من ولايات مجاورة أبوا إلا أن يشاركوا في عملية البحث التي دامت لثمانية أيام كاملة في شكل قوافل بشرية اخترقت الغابات والوديان ومشطت السهول والتلال.
قصة "عتو عمار" تصنع صورا رائعة عن تلاحم الجزائريين وتضامنهم
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد ساهمت بدورها في إبراز لحمة الجزائريين عامة على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم عندما يتعلق الأمر بالتضامن والتلاحم وهو ما تجسد من خلال تعبير الآلاف من المواطنين المنتسبين إلى ولايات غربية ووسطى وحتى شرقية وجنوبية عن رغبتهم في المساهمة في البحث عن المفقود "عتو عمار" قياسا بمساهمة صفحات "فايسبوكية" في التعريف بقضيته وظروف اختفائه مع التركيز على وضعه الصحي كشاب يعاني من مرض عقلي مع إبراز الحالة التي يوجد عليها أفراد عائلته وفي مقدمتهم والديه.
وكانت قوافل بشرية تشد الرحال على مدار ثمانية أيام كاملة لتمشط راجلة المداشر والبوادي بعمق 19 إلى 22 كم بمحيط منطقة تيغاليمات ومواقعها الغابية باستعمال الكلاب وبعض الوسائل المساعدة في عمليات البحث ، فيما عمل الأهالي على تقديم التشكرات إلى السلطات الأمنية نظير وقفتها لإنجاح العملية والى رئيس بلدية تيغاليمات "الذي لم يبخل علينا بتقديم المساعدة سواء عن طريق تسخير وسائل النقل لأجل مباشرة عمليات البحث أو توفير ما يستدعيه البحث المطول عن مفقود من إمكانيات" وفقا لشهادات الأهالي.