ترامب ينصّب اليوم رئيسا للولايات المتحدة

+ -

يعود دونالد ترامب اليوم رسميا إلى البيت الأبيض الأمريكي، الذي غادره منذ 4 سنوات، عقب عهدة سابقة مثقلة بالسياسات الصادمة، ومع عودته تعود المخاوف مجددا من تذبذب سياساته ومواقفه المعروفة بابتعادها عن المألوف، خاصة وأن تصريحاته تضج بالوعود والتهديدات التي تتعدى حدود الولايات المتحدة الأمريكية.

بدأت عهدة ترامب الرئاسية الثانية، وسط تغيرات جيوسياسية واسعة حول العالم، جعلت أجندة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، تحمل الكثير من الوعود والخطط وحتى التهديدات، بشأن صراعات الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية ودول الجوار وغيرها.

وقد تبوأ العدوان الصهيوني على قطاع غزة، الذي شهد، أمس، بداية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مقعدا مهمّا من قائمة ملفات ترامب الخارجية، قبل حتى تنصيبه الرسمي، حيث هدد بما سمَاه "الجحيم" ما لم يتوقف القتال قبل توليه منصبه، وقد تدخّل وفريقه بقوة في المفاوضات التي أفضت إلى إبرام الاتفاق الذي تعثر، إلى أن أرسل ترامب مبعوثه للمنطقة ستيفن ويتكوف لممارسة الضغط، حيث التقى برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في تل أبيب للضغط عليه لإتمام الصفقة.

ولم يخف ترامب موقفه الداعم لكيان الاحتلال رغم مطالبته بالإسراع في إنهاء الحرب على غزة، لأنها تتسبّب لها بخسارة معركة العلاقات العامة، كما ورد في مقابلته مع صحيفة عبرية، حيث طالب فيها بإدارة أكثر دهاء للجرائم الصهيونية، إذ قال "كل ليلة أرى مباني تسقط على الناس، وقيل إن هذه المشاهد قدّمتها إسرائيل من خلال وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأنا أقول: لماذا يقدمون هذا؟ إنها صورة سيئة.. افعلوا ما يتعيّن عليكم القيام به، لكن لا ينبغي للناس أن يروا ذلك"! ثم عاد ليتعهّد بإنهاء الحرب في خطابه في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن، محذّرا بأنه "من الأفضل أن يعود أسرى الاحتلال قبل أن أتولى منصبي وإلا سيتم دفع ثمن باهض".

وكان إصرار ترامب على أن تضع الحرب أوزارها قبيل تنصيبه نابعا من وعوده الانتخابية قبل فوزه بالانتخابات، وتأكيدا لموقفه الرافض للحروب بشكل عام ولانخراط بلاده فيها، مثلما هو الأمر بالنسبة للصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا منذ 3 سنوات، والتي كانت حاضرة في خطاباته وفي تصريحاته إبان حملته الانتخابية.

وتعهّد ترامب أثناء حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وإقرار السلام، قائلا، "يجب إنهاء هذه الفوضى الحقيقية"، فيما قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن "الرئيس فلاديمير بوتين أعرب عن انفتاحه على إجراء اتصالات مع قادة العالم بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مثنيا على استعداد ترامب لحل المشكلات من خلال الحوار.

ومن المتوقع أن يعاود ترامب الضغط لاستكمال ملفات أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية كان قد بدأها في ولايته الأولى، ومنها تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وكيان الاحتلال الصهيوني وبرنامج كوريا الشمالية النووي. وقد خالف ترامب سياسة أسلافه من الرؤساء الأمريكيين عندما التقى مرتين بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إحداهما في سنغافورة والثانية في المنطقة العازلة بين الكوريتين.

ويعتقد جيمس روبينز، من معهد المجلس الأميركي للسياسة الخارجية، أن سياسة ترامب الخارجية ستكون على غرار عهدته الأولى لكن بوتيرة أسرع.

وقال روبينز "إن ترامب سيسرع العمل على إنهاء الحرب في غزة وأوكرانيا، وسيحاول ضم السعودية لاتفاقات "أبراهام"، مضيفا "بالنسبة لكوريا الشمالية سيكون الأمر بسبب تقاربها الشديد مع موسكو، أما إيران فغالبا سيعاود استخدام سياسة الضغط القصوى". وتبقى علاقة ترامب مع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين مبعث قلق المعنيين بها على ضفتي الأطلسي.

 

رياح التغيير تهب في الولايات المتحدة

 

ومن المنتظر أن يصب ترامب أغلب اهتمامه على الشأن الداخلي للولايات المتحدة، فقد قال مبعوثه إلى الشرق الأوسط لرئيس وزراء الاحتلال، إن الرئيس المنتخب يريد أن ينتهي سريعا من "مشكلة" غزة، ليتفرغ لقضاياه الداخلية، كما تشير تصريحاته ووعوده الانتخابية، أنه سيتّجه لاتخاذ خطوات كبيرة وسريعة فور عودته إلى البيت الأبيض اليوم، منها إطلاق برنامج ترحيل شامل للمهاجرين وإنهاء "جنون المتحولين جنسيا".

فضمن أحد أهم الوعود الصادمة لترامب، ينتظر أن يتم اتخاذ موقف صارم ضد ما يقدّر بنحو 11 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة، حيث قال الملياردير الجمهوري خلال حملته الانتخابية "عندما يعاد انتخابي، سنبدأ... أكبر عملية ترحيل في تاريخ أميركا"، كما تعهّد بإنهاء حق المواطنة بالولادة ووصفه بأنه "سخيف". ولتحقيق هذه الأهداف يدرس ترامب إعلان حالة الطوارئ الوطنية، ما من شأنه أن يسمح له بتسخير موارد البنتاغون.

وللمضي قدما في تنفيذ أجندته، لم يهدر ترامب وقتا في اختيار فريق إدارته الجديدة، حيث أعلن خلال الأيام الأولى من فوزه بالرئاسيات، عن مجموعة من الاختيارات التي بعثت برسائل صادمة إلى عدد من عواصم العالم. فبينما شكّل اختيار وزير الدفاع هيغيست مفاجأة حتى على المستوى الداخلي، يرى فريق من المعلّقين أن وزير خارجيته روبيو ومستشاره للأمن القومي والتز من الصقور الجمهوريين، فيما يتعلق بالصين وإيران، بينما تألّف فريقه للشرق الأوسط من أشد أنصار الكيان الصهيوني الذين لا يمانعون حتى في ضمه للضفة الغربية، إلا أنه يضم كذلك من يتهم "بالعداء للسامية"، ويرى أن دعمها المفرط للكيان يضر بمصالح أمريكا الأوسع في المنطقة والعالم.