يشكل مشروع غار جبيلات، الذي يرتبط بشكل وثيق بإنشاء خط سكة حديد بشار-تندوف-غار جبيلات ووضعه حيز الخدمة، نقلة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية الجزائرية. هذا المشروع الضخم يهدف إلى استغلال الثروات المعدنية الهائلة الموجودة في منطقة غار جبيلات، خاصة خام الحديد، وتحويلها إلى قيمة مضافة من خلال إنشاء وحدة لمعالجته.
وترتكز توجهات قطاع الطاقة والمناجم على تثمين أهم الأقطاب وهي منجم غار جبيلات الذي يعد قطبا واعدا في منطقة الجنوب الغربي للبلاد والذي تقدر احتياطياته بأكثر من 3 ملايير طن من خام الحديد، منها 1.7 مليار طن قابلة للاستغلال. وقعت الاتفاقية الأولى بين شركة فيرال فرع سوناريم والشركة الصينية "سينو ستيل" لبناء أول وحدة لمعالجة خام الحديد، بقدرة معالجة تصل إلى 4 ملايين طن، فيما تخص الاتفاقية الثالثة إنشاء شركة مشتركة لبناء وحدة لمركزات خام الحديد بين شركة "توسيالي" وشركة "فيرال".
مشروع إنجاز مصنع معالجة خام الحديد مشروع هيكلي ضخم وهو من أهم مشاريع رئيس الجمهورية التي وعد بها، كما أكد على أن مصنع معالجة خام الحديد سيساهم في تنمية الجنوب الغربي من خلال التوظيف وتشييد الوحدات السكنية ومرافق اجتماعية بما فيها المدينة المنجمية لغار جبيلات، التي ستستوعب أكثر من 5 آلاف ساكن وهذا سيعطي ديناميكية كبيرة للمنطقة، مشيرا إلى أنها ستساهم في تطوير شبكة من المؤسسات المصغرة والمتوسطة كما ستساهم في ترقية القطاعات المتعلقة بتثمين الموارد المنجمية.
وينتظر أن تشهد نهاية عام 2025 تحولات في المشهد الاقتصادي الجزائري، حيث تستعد البلاد لاستقبال مشروعين كبيرين من شأنهما أن يعززا من مكانتها كقوة صناعية واقتصادية في المنطقة، ويتعلق الأمر بمشروع خط السكة الحديدية الرابط بين بشار وتندوف وغار جبيلات، الذي يمتد على طول 950 كيلومترا، ووحدة معالجة خام الحديد الأساسية في منجم غار جبيلات.
وتندرج المحطتان ضمن مشروع استراتيجي ذي أبعاد متعددة، حيث يمثل هذان المشروعان معا نقلة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية للجزائر، ويشكل استكمال بناء خط السكة الحديدية بشار-تندوف-غار جبيلات، بالجنوب الغربي الجزائري، بنية تحتية أساسية لاستغلال خام الحديد بغار جبيلات، المنجم الذي يحوز احتياطيات تقدر بنحو 3.5 ملاير طن. ومن المقرر أن يدخل هذا الخط البالغ طوله 950 كيلومترا حيز الاستغلال نهاية عام 2025 وبداية 2026، وسيربط مناطق الاستخراج بالمراكز الصناعية والموانئ، ما يسهل نقل الحديد الخام إلى بشار ووهران.
ويتضمن المشروع العملاق خط السكة الحديدية بشار-تندوف-غار جبيلات (950 كلم) الجاري تجسيده ما لا يقل عن 1.431 منشأة فنية، منها ما هو جار تجسيدها وأخرى منجزة، وهو المشروع الموجه لتثمين منجم الحديد لغار جبيلات (تندوف). ومن بين تلك المنشآت يوجد 45 جسرا للسكة الحديدية و48 جسرا طرقيا و1.338 منشأة مائية، حيث تم تجسيد جزء كبير منها.
وتهدف تلك المنشآت التي تضاف إليها أعمال الحفر (13 مليون متر مكعب) والردم (54 مليون متر مكعب) وأشغال التسوية (2 مليون متر مكعب)، وقد أنجز جزء هام منها، على امتداد الأقسام الثلاثة لهذا المشروع العملاق، إلى تدعيم البنية التحتية لهذا الخط الذي يعد واحدا من أكبر مشاريع السكك الحديدية في البلاد والذي ستكون له أهمية كبيرة على صعيد تطوير قطاع المناجم وأقسامه لمعالجة وتحويل خام الحديد عبر العديد من الوحدات الصناعية.
ويبرز من بين تلك الوحدات مركب الحديد والصلب بالمنطقة الجديدة التوميات (شمال بشار) وباستثمارات تقدر بـ (1) مليار دولار أمريكي، سيتم استلامه في 2026، حيث أسندت أشغال إنجازه إلى المجمع الصيني الذي يمتلك ثلاث شركات بالشراكة مع الشركة الوطنية للحديد والصلب (فيرال)، كما أوضح مسؤولو الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية.
وبالإضافة إلى تلك الأشغال فإن ورشات إنجاز (8) محطات برية لنقل المسافرين والبضائع على طول مسار خط السكة الحديدية تعرف تقدما "ملموسا"، مقارنة بالمواعيد النهائية المحددة، على غرار تلك الواقعة بالعبادلة، التي سيتم استلامها وتجهيزها قبل نهاية الثلاثي الأول من سنة 2025، كما أشير إليه. وعلاوة على ذلك هناك 27 محطة عبور على مستوى قطارات المناجم والمسافرين توجد قيد الإنجاز أو قيد الاستكمال، وفق نفس المصدر.
وتتيح المنشاة الإستراتيجية نقل نحو 50 مليون طن من معدن الحديد سنويا، فيما ينتظر تسليم وحدة المعالجة للحديد نهاية السنة بقدرة 4 ملايين طن، مع ارتقاب مشاريع توسعة ودعم، بهدف تحويل جزء من المادة الخام إلى مادة نصف مصنعة قبل نقلها.
ويضم منجم غار جبيلات 3 مناطق استغلال، هي غار جبيلات شرق وغار جبيلات وسط وغار جبيلات غرب، وتحوي الأخيرة احتياطيا يقدر بنحو 1.7 مليار طن من الحديد الخام.
يشار إلى أنه في 13 أفريل 2023، شهد وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، مراسم توقيع مذكرة تفاهم لإنجاز وحدة إنتاج مركزات خامات حديد في منجم غار جبيلات، بين المؤسسة الوطنية للحديد والصلب (فيرال) ومجمع توسيالي التركي.
ووفق الاتفاق، ستنشأ وحدة مشتركة لإنتاج مركزات خامات حديد المنجم بقدرة إنتاجية تصل إلى 500 ألف طن سنويا، إذ سينجز المشروع خلال 24 شهرا، قبل استغلال إنتاجه لتموين مركب الحديد والصلب "توسيالي" في وهران، كما سيتم إنجاز وحدة المعالجة النهائية لخام الحديد في بشار باستثمارات قيمتها مليار دولار، بالشراكة مع شركة توسيالي التركية، بقدرات تصل إلى مليوني طن من الحديد الخام، لإنتاج مليون طن من مركز الحديد بحلول عام 2026.
كما تم الشروع في إنجاز بشراكة جزائرية صينية بالمنطقة الصناعية "توميات" ببشار مشروع مركب صناعة الحديد والصلب بالولاية لتثمين منجم الحديد لغار جبيلات (تندوف)، ويشمل إنشاء وحدات مستقبلية تابعة لنفس المشروع الصناعي الكبير وبمبلغ يقدر بـ1 مليار دولار، حيث ستسند الأشغال إلى المجمع الصيني الذي يضم ثلاث شركات صينية كبرى، وذلك بالشراكة مع المؤسسة الوطنية للحديد والصلب. وستسمح تلك الوحدات عند استكمال أشغالها في سنة 2026 بإنتاج قضبان السكة الحديدية والقطع الفولاذية، كما سيمكن المشروع أيضا عبر العديد من وحداته من إنتاج مركز خام الحديد المختلط الذي يتم إنجازه في إطار شراكة مع مركب صناعة الحديد والصلب (توسيالي) ببطيوة (وهران) والشركة الوطنية للحديد والصلب.