كان تدخل رئيس اللجنة الجزائرية للتاريخ والذاكرة الاستاذ لحسن زغيدي، بمناسبة ترؤسه أشغال اليوم الدراسي الموسوم "من أجل قاعدة جزاىرية للمرجعية الوطنية"، احتضنته قاعة السينما بتيميمون، متشبعا برسائل قوية تجاه ما يثار هذه الأيام في فرنسا.
وراح المختص في التاريخ بعيدا عندما ساق رده على ما يدور في الإعلام والساحة السياسية الفرنسية في الآونة الأخيرة تجاه كل ما هو جزائري، مستعرضا قليل من كثير عن تاريخ الجزائر الممتد لعصور غابرة، عكس ما سوق له قبل سنتين "الجاهل لتاريخ بلادهم" مثلما قال المؤرخ زغيدي، الرئيس "الفرنسي ماكرون، إذ أشار المحاضر إلى الاتفاقيات التي كانت مبرمة بين الجزائر وفرنسا قبل العام 1830؛ بقرنين على الأقل، ومنها ما كان مرتبطا بأوضاع سيئة كانت تعيشها فرنسا أنذاك، بل وحولت فرنسا بوصلتها إلى الجزائر في 1830 لبداية الاحتلال ، وهاهي نفس فرنسا تعيش أوضاعا سيئة اليوم وتريد مرة أخرى توجيه بوصلتها إلى الجزائر، والأكيد أنها ستفشل كما فشلت في سابق التاريخ الحديث. وتأسف زغيدي لبروز تيار فرنسي يدافع عن أطروحات استعمارية قديمة يتبناها اليمين المتطرف، وأضحى الأن بالإمكان الحديث عن "الجزائروفوبيا" التي غزت الفضاء الإعلامي والساحة السياسية الفرنسية هذه الأيام.
وفي السياق عاد الأستاذ زغيدي للحديث عن بيان أول نوفمبر مذكرا بالمراجع التي على أساسها تم إعداد هذه الوثيقة المرجعية للجزائر المستقلة، وبداية تلك الأساسات للتاريخ، ثم الجغرافيا فاللغة والدين والعادات.
وفي تفصيله لتلك المرجعيات؛ تحدث زغيدي عن تاريخ الجزائر الضارب في عصور غابرة، بدليل المنحوتات في صحرائنا الكبرى والحفريات في الأطلس التلي والصحراوي، وفي باب الجغرافيا قال زغيدي بأن موقع الجزائر جعلها تكون رأس القارة بمحيط جوار سبع دول وامتداد إلى عمق القارة السمراء، كما أوجد الجغرافيا تضاريس ومناخ متنوع كان له تأثيره المباشر على تنوع اللسان والسلوك، ومنها جاءت المرجعية الثالثة لبيان أول نوفمبر التي راعت اللغتين العربية والأمازيغية مع مراعاة تعدد المتغير اللساني، فيما وحد الدين الإسلامي الناس وجمعهم في وعاء واحد، أما الأساس المرجعي الخامس لبيان نوفمبر فكانت العادات، وهنا اختار زغيدي يناير الذي تحتفل فيه كل جهات الوطن.
وأشاد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغة، في ندوة صحفية على هامش الاحتفالات الرسمية برأس السنة الأمازيغية، بتخصيص خطب صلاة الجمعة لأول مرة في مساجد عبر الوطن، أول أمس، لإبراز المغزى من الاحتفال بيناير، واصفا ذلك بـ '' اللحظة المميزة"، التي جاءت – كما قال – نتيجة مناشدات المحافظة السامية للأمازيغية.
وبعد أن أكد ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية من خلال مبادرات وعمل ميداني دؤوب، شدد سي الهاشمي عصاد على ضرورة تجند النخبة لمحاربة الدعاية المغرضة التي تستهدف الجزائر والتي تأتي من عديد الأطراف وخاصة تلك الحملات التشويهية التي طالت حتى الجوانب المتعلقة بالتراث والثقافة الوطنية، وقال بأن الرد يجب أن يتم بالدليل الموّثق والمعطيات العلمية.
وقال عصاد بأن ''تعزيز الجبهة الداخلية والأمن الهوياتي لا يجب أن يتوقف على الشعارات، بل يجب أن يتوقف على مبادرات عملية وعمل دؤوب وتواجد في الميدان بالتنسيق مع النخبة، التي يتعين عليها مواجهة الدعاية المغرضة ضد البلاد، لقد حان الوقت ليكون الرد قويا بالدليل الموثوق وبالمعطيات العلمية".
واضح أمين عام المحافظة ومعه والي تيميمون ورئيس المجلس الولائي أن اختيار رئيس الجمهورية لتحتضن تيميمون الاحتفالات الرسمية ليس اعتباطيا أو وليد الصدفة بل له دلالات متعددة الأوجه ولعل أهمها الموقع الجغرافي لهذه الولاية حديثة النشأة ككيان إداري، ضاربة في التاريخ ولأدل على ذلك قصورها المترامية وأيضا المتغير اللساني وكونها منطقة جذب سياحي رهيب وما إلى ذلك من معطيات.
ودعا الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، إلى إعداد مخطط وطني خاص بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في الأطوار التعليمية الثلاثة لبلوغ تغطية ما لا يقل عن 36 ألف مؤسسة تربوية، عبر 58 ولاية في آفاق سنة 2038، مؤكدا أن الجزائر تحوز على تجربة رائدة في تدريس هذه اللغة الوطنية التي تشهد تقدما ملحوظاً في المدارس عبر عديد ولايات الوطن.
وأردف عصاد أن تحقيق انتشار تدريس اللغة الأمازيغية، وفق المخطط الذي سبق وأن أعدته هيئته، الخاص بتدريس وتعلم الأمازيغية إلى آفاق 2038، يجب أن يتم ضمن مخطط وطني واضح من طرف قطاع التربية الوطنية.