38serv
ذكر الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، اليوم السبت، أن "الأفافاس" كان "السباق للمطالبة بإصلاح الجماعات المحلية منذ عقود، بما يرتبط بمبادئ التشاركية الفعلية والفاعلة، الاستقلالية، رفع الوصاية، تحرير المبادرة، اللامركزية وكذا رفع التجريم عن فعل التسيير".
وأشار أوشيش، في ندوة مخصصة لـ"رؤية الحزب حول إصلاح الجماعات الإقليمية"، إلى أن منتخبي حزبه ظلوا في "الصفوف الأولى لمعركة ترسيخ هذه المطالب والمبادئ في المؤسسات والمجالس التمثيلية، ثقافة وممارسة، رغم كل التحرشات والتضييقات وقلة الصلاحيات وانعدام الإمكانيات، وفي ظل هوامش تحرك لا تسع مشاريعهم التنموية".
وتابع أوشيش: "إن النظام السياسي الذي يضع مصلحة المواطنين في قلب عملية اتخاذ القرار، هو ذاك الذي يضمن الحرية، العدالة والمساواة للجميع، ويعزز من فعالية التنمية ويحقق الاستقرار المجتمعي". وأضاف: "من هنا، تبرز أهمية الديمقراطية التشاركية واللامركزية كأفضل نماذج لإدارة الجماعات الإقليمية".
ويرى "الأفافاس" أن "المقاربة الأمثل في إصلاح وتسيير الجماعات الإقليمية، ليست تلك التي تكون وفق حلول جزئية أو أحادية، بل هي التي تأتي وفق رؤية شاملة لإصلاح مؤسساتي وسياسي يهدف لتعزيز السيادة الشعبية، والديمقراطية السياسية التمثيلية، والتنمية المستدامة".
ويجب أن تكون هذه الإصلاحات، في تصور الحزب المعارض، "جزءًا من مشروع شامل يهدف إلى إعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة أوسع للمواطنين في الحياة السياسية، وتضع في قلب أولوياتها احتياجاتهم وتطلعاتهم الأساسية".
وبالنسبة للامركزية، فتعني، في نظر أوشيش: "إعادة توزيع السلطات والصلاحيات بين مختلف مستويات المسؤولية، بحيث تبرز ضرورة خروج الهيئات المحلية من وصاية الإدارة بمنح صلاحيات أكبر واستقلالية أوسع، حتى يتاح للمجالس المحلية تسيير الشأن العام"، مشيرا إلى أن تحرير المبادرة المحلية لا يعني فقط تمكين السلطات المحلية من اتخاذ قرارات أكثر توافقًا مع احتياجات المجتمع، بل يعني أيضا تحرير الطاقات والإمكانات المحلية لتساهم في تسريع التنمية وحل الإشكاليات بشكل خلاق وفعّال.
وطالب أوشيش بتقسيم إداري جديد يعكس الواقع الجغرافي، الديمغرافي، الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، معتبرا أن التقسيم الإداري الذي يتجاهل هذه الحقائق يؤدي إلى تشويه واقع احتياجات المناطق المختلفة، بينما يجب أن يُبنى التقسيم الذي يتماشى وطموحات التنمية على أسس علمية وديمغرافية، تضمن تلبية احتياجات كل منطقة على حدة.
ويتعين في هذه الإصلاحات، يضيف المسؤول الحزبي، أن تكون لدى هؤلاء الأشخاص القدرة، بل والسلطة، على اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالتنمية المحلية، من دون الرجوع إلى الموافقات والمصادقات المبالغ فيها من السلطات المركزية، داعيا إلى أن "تكون السلطات المركزية شريكا استراتيجيا، بينما تُترك المبادرة المحلية للتنمية وتوفير الخدمات العامة وفقًا لاحتياجات كل منطقة".
وأفاد المرشح الرئاسي السابق، بأن التاريخ أثبت بأن المجتمعات التي تبنت نماذج الديمقراطية التشاركية واللامركزية قد شهدت طفرات تنموية في كافة المجالات، من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى تحسين الخدمات العامة والرفاهية الاجتماعية.
وتأتي الدعوة إلى الإصلاحات، بحسب المتحدث، في وضع انتقالي يطبع عالم اليوم، وكفيل بتفريخ كل المخاطر والتهديدات على الدول الوطنية، وإنه من الحكمة في هذا الظرف بالذات "عدم إنكار هذه التهديدات على حقيقتها تماما، كما لا يجب استدعاؤها كذريعة لتمديد أي جمود أو تبرير أي انغلاق أو انحباس سياسي"، يقول أوشيش.
وإزاء هذا الوضع، يفرض الحوار الوطني الشامل نفسه، اليوم قبل الغد، مسعى نبيلا يجمع كل القوى الوطنية أينما كان موقعها وكيفما كانت مشاربها الفكرية، بغرض صياغة خارطة طريق واضحة المعالم ومحددة الأهداف، يضيف المتحدث.
كما تحدث السياسي عن مسار الحوار و"ارتباطه بتوفر الإرادات، يستوجب إرساء مناخ من الانفتاح والمصارحة، وكذلك التنازلات، متى تعلق الأمر بالمصلحة العليا للأمة"، وهو مسار، وفقه، "لن يكتمل ما لم نُعد خلاله الاعتبار للسياسة وأدواتها بإطلاق الحريات السياسية والإعلامية، بعث النقاش العام، وبالسن الجماعي للأحكام التنظيمية والقانونية التي تمنح للأحزاب والمنظمات الوسيطة الإطار الأنسب لممارسة مسؤولياتها".
م