تفاعل زعيم حزب "فرنسا الأبية"، جون لوك ميلونشون، مع سلسلة القرارات التي اتخذتها عدة دول إفريقية، مؤخرا، ضد التواجد العسكري لبلاده، وشرعت في ترتيبات سحب هذه القوات، على غرار التشاد وبوركينافاسو وكوت ديفوار والنيجر ومالي، والقائمة مرشحة للزيادة.
ودعا السياسي اليساري المعارض، إلى ضرورة تبني فرنسا نموذجا جديدا لعلاقاتها مع الشعوب الإفريقية، مؤكدا، في منشور له على منصة "إكس"، اليوم الإثنين، أن "النموذج الدبلوماسي غير الخاضع هو مستقبل العلاقات"، في إشارة ضمنية إلى أن فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون لا تزال تتبنى نفس المقاربة الدبلوماسية مع شركائها الأفارقة، المستوحاة من فترة الاستعمار وما بعد الاستعمار، جاهلة بالمتغيرات والتحولات التي طرأت على شعوب القارة السمراء، وعلى الأساليب الحديثة في إدارة العلاقات الدولية.
وجاءت تصريحات ميلونشون بعد إعلان الرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، عن إعادة القاعدة العسكرية الفرنسية في أبيدجان إلى سيادة بلاده، وقبله تصريحات الرئيس السنغالي بأن مفهوم السيادة يتعارض مع وجود قواعد أجنبية في البلاد، وأيضا إعلان وزير الخارجية التشادي، عبد الرحمن كلام الله، منذ شهر، عن إلغاء اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا.
وبمفردات نقدية، أضاف ميلونشون أن "الجيش الفرنسي يُطرد من كوت ديفوار على يد من تم تنصيبه في السلطة بدعمه، ومن السنغال أيضا"، ليضيف معلقا: "العالم القديم الذي يمحى من الخريطة لا ينبغي أن يسحبنا معه إلى الهاوية".
وقبل أن ينقضي الوقت بدل الضائع، نصح المرشح الرئاسي السابق والمحتمل في الرئاسيات القادمة، بأن "الوقت قد حان لإعادة بناء العلاقات الفرنسية -الإفريقية على أسس جديدة تضمن الاحترام المتبادل والسيادة"، في تلميح إلى أن المقصود هو علاقات قائمة على الندية وعلى الشراكة الحقيقية التي يتجسد فيها مبدأ رابح - رابح، وليس علاقات مبنية على فكر استعماري متجدد، وناهب للثروات، ومُزدرٍ للشعوب الإفريقية.
وكانت العديد من الدول الإفريقية قد شهدت تنامي شعور شعبي مضاد لكل ما هو فرنسي، وتطور إلى أعمال عنف ضد مواكب وأرتال عسكرية فرنسية، في حين تُرجم على الصعيد السياسي إلى قرارات ومفاهمات بسحب القوات الفرنسية.
وقررت السنغال، مطلع السنة الجارية، الشروع فعليا في سحب القوات الفرنسية من على أراضيها، بعد إلغاء أي اتفاق يترتب عنه وجود قواعد أجنبية. وقبل السنغال، سلكت مالي والنيجر وبوركينافاسو والتشاد، نفس المسلك وقررت الخروج من العباءة العسكرية الفرنسية.
وبإلغاء التعاون العسكري مع هذه العواصم الإفريقية، تكون فرنسا قد فقدت النفوذ العسكري في كل إفريقيا تقريبا، ما يؤشر على بداية حقبة استكمال السيادة لشعوب تلك البلدان، التي تستدعي أيضا تأميم النظام المالي والمصرفي.