مواطن يتحدى المحامين أمام المحكمة الدستورية

38serv

+ -

برمجت المحكمة الدستورية جلسة إبداء ملاحظات شفهية، غدا الثلاثاء، في قضية مثيرة للجدل في أوساط المحامين والمتقاضين، وتتعلق بخصومة بين مواطن واتحاد المحامين.

 وتتمحور أطوار القضية حول ادعاء المواطن بأن القانون الذي يوجب توكيل محام أمام جهات الاستئناف والنقض "غير دستوري"، واستطاع افتكاك موافقة المحكمة العليا على إحالة طلبه أمام المحكمة الدستورية.

 ويعني هذا النزاع القانوني الآلاف من المواطنين، الذين يلزمهم القانون بتوكيل محام، عندما تطرح قضاياهم أمام المجالس القضائية أو المحكمة العليا أو المحاكم الإدارية الاستئنافية أو أمام مجلس الدولة.

 وأحدثت المسألة جدلا قانونيا وتبادل حجج وبراهين، بين تكتل المحامين، من جهة، والمواطن، من جهة ثانية. وبحسب أوراق الملف، الذي اطلعت عليه "الخبر"، فإن الإشكالية بدأت، بإثارة مواطن من ولاية الجلفة، في قضية له أمام المحكمة العليا، ما يعتبره عدم دستورية المواد التي تلزمه بتوكيل محام، وافتك قرارا من المحكمة العليا، بإحالة دفوعه أمام المحكمة الدستورية، مع إرجاء الفصل في قضيته الأصلية إلى حين البت في مطلبه أمام القضاء الدستوري.

 وتحجج المواطن في مسألة "ضرورة تمثيل الخصوم بمحام وجوبي أمام جهات الاستئناف والنقض"، بالدستور نفسه، وبعض الصكوك الدولية والقارية والإقليمية.

 وبمجرد أن تناهى إلى علم اتحاد المحامين الأمر، انخرط في القضية وطلب إدخاله في القضية، من منطلق أنه صاحب "صفة ومصلحة" ومعني بها بدرجة أولى، باعتبار أن قانون تنظيم مهنة المحامين، يفرض عليه "حماية مصالح المهنة"، مشيرا إلى أن حجج المواطن تتضمن مغالطات وأخطاء في قراءة وتفسير القانون وقرارات المحكمة.

 وبرر اتحاد المحامين موقفه، بالقول إن المحامي صار "لا غنى عنه في المجتمعات الحديثة وتغييبه وتهميش دوره سمة من سمات تخلف الأنظمة، ومظهر من مظاهر الأنظمة الدكتاتورية والشمولية والقمعية، إلى جانب كونه الحصن الحصين للحريات العامة".

 وأشارت مذكرة دفاع الاتحاد الكتابية أمام المحكمة الدستورية، إلى أن المشرّع أضفى دور المحامين أمام جهات الاستئناف أو الطعن لإرساء دعائم دولة الحق والقانون التي ينشدها كل مواطن، مضيفا أن الدفاع بواسطة محام، معيار دولي لقياس مدى احترام الدولة لحقوق الإنسان أمام المنظمات الدولية، كـ"مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" و"مجلس حقوق الإنسان" واللجنة الأممية المعنية بحقوق الإنسان وغيرها.

 واستعرض الاتحاد في مذكرة الدفاع، ما يراه براهين وضرورات وجود محام في القضايا المطروحة أمام جهات الاستئناف أو جهات الطعن، بوصفه قيدا تنظيميا وتعزيزا للعدالة وضمانا لنزاهة الإجراءات، مستغربا في تمكن المواطن من تسجيل قضية أمام المحكمة العليا، بينما القانون والمعمول به في كتابة الضبط يمنعه من استلام العرائض التي لا يوجد عليها توقيع ختم محام.

 ودافع المحامون عن وجوبية توكيلهم في القضايا، انطلاقا من كون ذلك يجسد المبدأ الدستوري المتمثل في الحق في الدفاع، مشيرين إلى أن المادة 34 من الدستور تنص على حماية الحقوق والحريات، وهي مفاهيم تشمل في تصور أسرة الدفاع، المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية والمتخصصة والمتمكنة.

 وذكر هؤلاء أن التمثيل بمحام لا يعيق حق التقاضي، كما ادعى المواطن، وإنما يقدمه أمام الجهات القضائية بجودة عالية، واستدل المحامون بنماذج دولية توجب تمثيل المواطنين بمحام، كفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ومصر، وأيضا الاتفاقيات والعهود الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره.

 ويبدو أن المسألة أزعجت تكتل المحامين وأثارت استغرابهم أيضا، بخصوص قدرة المواطن على إيداع مذكرته على مستوى أمانة الضبط، بالرغم من أنه لا يستوفي شرط وجود محام.

 ويرى مراقبون أن المرفق العام من مصلحته الإبقاء على المحامي، و"لولا المحامي فإن المواطن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يثير المسائل القانونية، خاصة أن محكمة النقض محكمة تراقب الدرجات السفلى ما إذا احترمت القانون من عدمه".