أكد المدير العام لبنك البركة الجزائر، عثماني مرابوط عبد المنعم، على سعي البنك نحو رقمنة خدماته وتوسيع شبكة فروعه لتصل إلى جميع المناطق في الجزائر، وذلك لتوفير خدمات مصرفية إسلامية شاملة لجميع شرائح المجتمع، مشيرا إلى إطلاق منتجات وخدمات جديدة مثل الصكوك والاستثمار بالوكالة وحزم خاصة بالشباب، وذلك لتلبية احتياجات السوق المتغيرة وتوسيع قاعدة العملاء. وشدد المدير العام على دور البنك في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمار والمساهمة في التنمية المستدامة، موضحا أن البنك يعمل على مواكبة التطورات التشريعية في مجال الصيرفة الإسلامية والاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه التطورات، معتبرا أن المنافسة في سوق الصيرفة الإسلامية تشكل حافزا للبنك لتطوير منتجاته وخدماته والحفاظ على مكانته كرائد في هذا المجال.
باشرتم مهامكم على رأس بنك البركة مؤخرا. هل يمكن أن تقدموا لنا تصورا حول ماهية الاستراتيجية المعتمدة في بنك البركة لتعزيز الصيرفة الإسلامية في السوق الجزائري على ضوء المكانة التي يحوزها البنك في السوق منذ أكثر من ثلاثة عقود؟
بادئا ذي بدء أشكر جريدة "الخبر" على الاهتمام التي توليه دائما للمجال المالي والمصرفي، وذلك ليس بغريب على جريدة عمرها بعمر بنك البركة، وإن شاء الله تكون صوتنا لكي نقدم نبذة على دور بنك البركة في المجال الاقتصادي والبنكي المصرفي في الجزائر.
إن بنك البركة الجزائر مؤسسة مالية إسلامية تأسست في الجزائر عام 1991، ويعد أول البنوك الإسلامية التي عملت في السوق الجزائرية وكانت النظرة الأولى على أن يكون بنكا يعطي صبغة أولية حول ما هي البنوك الإسلامية في العالم. وقد ساير هذا البنك سياسات كثيرة في الجزائر وكان دائما أحد رواد المالية الجزائرية. بالطبع قبل أن نقول إن البنك كان قصده الربحية فهو بنك مواطني، أي أنه بنك كان أولا وأخيرا يعمل لفائدة الفرد والمجتمع الجزائري، وفي هذا الإطار فإن بنك البركة كان عبر هذه السنوات يساهم بصورة فعلية في النهوض بالاقتصاد الوطني عن طريق مقاربة ترتكز أساسا حول أولا أن يسهم بنك البركة في دعم الاقتصاد الجزائري من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار، وأيضا تقديم خدمات تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، مع الالتزام بمبادئ الشفافية والمسؤولية الاجتماعية ومساعدة ومرافقة الشركات الاستثمارية هنا في الجزائر وتحسين من جهة أخرى الصورة أو تحسين المستوى المعيشي للفرد الجزائري وهذا كان بفضل سياسة حكومية ممنهجة أعطت كل الامتيازات للبنك الجزائري، جعلته يعمل بأريحية، حيث كانت ولا تزال هي المورد والشعاع للمالية الجزائرية.
على ذكر دور البنك، كيف يساهم بنك البركة حاليا في تعزيز الشمول المالي وتقديم خدمات مصرفية مختلفة، إذ كانت هناك إجراءات قانونية وتنظيمية جديدة تسمح للبنك بتوسيع نطاق خدماته إلى مجالات عدة؟
يقدم بنك البركة الجزائر مجموعة متنوعة من الخدمات المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية وتشمل الحسابات البنكية وحسابات التوفير وكذا الحسابات الجارية وحسابات الاستثمار المشترك، كما يعتمد آليات وأنماط التمويل الإسلامي، على غرار المرابحة في تمويل شراء المنازل، السيارات والمعدات والإجارة في تمويل تأجيري للأفراد والشركات والمشاركة في تمويل المشاريع التجارية والاستثمارية. يوفر البنك أيضا المنتجات الاستثمارية مثل شهادات الاستثمار والصكوك الإسلامية، ولكن أيضا الخدمات الرقمية مثل تطبيقات مصرفية عبر الهاتف وكذا الخدمات الإلكترونية لتحويل الأموال ودفع الفواتير. ومن حيث الانتشار يمتلك بنك البركة الجزائر شبكة واسعة من الفروع المنتشرة في مختلف ولايات الجزائر لتلبية احتياجات العملاء الأفراد والشركات، كما يعمل باستمرار على تطوير خدماته الرقمية والبنية التحتية لتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية.
وكما تعلمون بنك البركة يحوز حاليا على أكثر من 34 فرعا وهي منتشرة على التراب الوطني، حيث نعتمد سياسة انتشار لبلوغ في ثالاث سنوات القادمة أكثر من 10 فروع جديدة، وهذه الفروع إن شاء الله ستكون في المناطق التي لا نسميها مناطق الظل ولكن مناطق يجب أن نعطيها فرصتها للنمو. نحن كبنك ليس هدفنا البحث عن الربحية فقط بل نريد أن نساهم بصورة جدية في تنمية البلاد وهذا طبقا لتوجيهات رئيس الجمهورية الذي يحث دائما البنوك على أن تكون قاطرة الاقتصاد الوطني.
وبالإمكان أن نعطيكم نبذة صغيرة عن نسبة المحفظة الاستثمارية الخاصة بالمشاريع الاستثمارية في البنك، التي تمثل 43٪ أو 44٪ من المحفظة، وهذا نظن بالمقارنة مع البنوك الأخرى نسبة محترمة جدا وإن شاء الله في العهدة القادمة سنعمل على رفعها وتوسيعها.
وما هي المنتجات والخدمات الجديدة التي يعتزم البنك إطلاقها لتلبية احتياجات السوق المتغيرة، لاسيما أن هناك قوانين تتيح في مجال هامش الربح المخفض للبنوك الإسلامية اعتماد قروض السكن والعقار وكذلك إطلاق البنك لقروض السيارات؟
صراحة يتوجه البنك حاليا إلى كل ما هو رقمي، على اعتبار أن الرقمنة أصبحت قضية حيوية، وإذ ذكرتم مسألة الشمول المالي فإن البنك بصدد فتح عدة فروع جديدة ولكن في نفس الوقت نحرص على تطوير المنتجات الرقمية للبنك، كي يكون الفرد الجزائري في تمنراست أو في إليزي أو في تبسة أو في تلمسان أو في الجزائر يتمتع ويستفيد من نفس نوعية الخدمات التي يقدمها البنك وسنستثمر في هذا المجال. وبالنسبة للتمويلات التي تراعي هامش الربح المخفض، فقد شرعنا في العمل بها، وهنالك منتجات عديدة، على غرار منتج شباب البركة، وهو حزمة كاملة مخصصة للطلاب الجزائريين، ويتضمن حساب شيك ومجموعة من الخدمات، تشمل بطاقة الدفع والسحب وخدمة الدفع عبر الإنترنت والخدمة المصرفية عن بعد عبر الكمبيوتر واللوحة الإلكترونية والهاتف وكذا خدمة الدفع عبر الرسائل النصية القصيرة.
كان البنك من السباقين لاعتماد البنك الإلكتروني أو أي "بانكينغ" أليس كذلك؟
ملاحظة جيدة نعم، ندرك أن العالم يشهد تطورا مستمرا في مجال الخدمات المصرفية يتعين مواكبتها، لذا اعتمدنا الخدمات المصرفية عن بعد، إذ أن بنك البركة حريص على الإبداع والابتكار، ومن ثم دخل عالم الرقمنة من بابه الواسع للاستجابة واستباق احتياجات عملائه، في وقت يتم الحديث عن الذكاء الاصطناعي. فمفهوم البنك شهد تحولا جذريا بانتقالنا من بنوك تقليدية، بنوك شبابيك إلى بنوك تستعمل كل عملياتها بواسطة الهاتف والحاسوب، ونرى أن هناك توجها للرقمنة، لذا سيكون البنك سباقا للسماح للفرد الجزائري بأن يحوز كل الاختيارات أو الخيارات بأن يستعمل كل منتجات البنك من المنزل أو من المكتب.
كيف سيتعامل البنك مع التطورات التكنولوجية في القطاع المصرفي ونوعية الخدمات الرقمية التي يرتقب تقديمها للعملاء، خاصة أن هناك قوانين تتيح إنشاء البنوك الرقمية؟
البنك يساير كل ما تحدده الدولة أو القوانين الجزائرية ويبدع في إطلاق منتجات يصبو أن يكون رائدا فيها. فبغض النظر عن كوننا بنكا جزائريا 100٪ إلا أننا ننتمي إلى مجموعة البركة التي تحوز قدرات هائلة في مجال الرقمنة، ما يسمح لنا بفضل الخبرة التي تتمتع بها أن نكون روادا، وهناك منتجات رقمية جديدة ستدخل السوق، على غرار الصكوك التي ستكون عامل دعم، حيث نؤكد أن البنك مواطني ويساير سياسة الدولة الجزائرية التي تتجه إلى المشاريع الكبرى، وسيساهم البنك في هذه المشاريع عند إصدار الصكوك وسنلعب دورا فعالا ونساهم في التنمية المستدامة للبلاد ولكي تكون هناك ربحية حتى للزبائن وعملاء البنك.
توسعت الخدمات المصرفية الإسلامية إلى البنوك التقليدية، كيف يتعامل البنك الذي يعتبر أول بنك إسلامي في الجزائر مع هذا المعطى؟
المنافسة لا تخيفنا، بل تشكل حافزا لكي نطور من أنفسنا، فقد كنا حتى ماض قريب البنك الإسلامي الوحيد في الجزائر وكنا نلعب دورا، لكن المنافسة تشكل محفزا، فنحن كأول بنك إسلامي في الجزائر أول محفز لنا هو إرضاء العميل الذي يعد الغاية الأولى، فحينما يكون للعميل أكثر من وسيلة وبنك يتعامل معه فإن ذلك يدفعنا لتطوير منتجات بهدف أن نكون روادا في المنتجات الإسلامية. بنك البركة علامة مسجلة، فمن إليزي إلى الجزائر إلى تبسة إلى تلمسان الجميع يعرف بنك البركة، وهذا الأمر يمثل مسؤولية أكبر تقع على عاتقنا نحن كمسؤولين للبنك لأنها تمثل بالنسبة إلينا أكثر من رسالة اقتصادية، بل هي تداول أجيال تضع نصب عينيها ضرورة ضمان الريادة، وبفضل التطور التكنولوجي الحاصل والاستثمارات التي نقوم بها سنكون خير سند للمتعاملين الجزائريين.
ما هي خطط توسيع شبكة فروع البنك في المناطق الداخلية، خاصة أن البنك يشهد تمركزا في مناطق الوسط وهناك وكالات كثيرة في العاصمة ثم في المناطق المحيطة؟
نحن دائما كنا مقتنعين بأن الجزائر ليست العاصمة ولا فرق لدينا بين القاطن في العاصمة أو قسنطينة أو سطيف أو في أقصى الحدود في الجنوب، وعلى هذا الأساس فإنه ضمن خطة الانتشار في ثلاث سنوات القادمة ستحظى المناطق الجنوبية بحصة الأسد في فتح فروع البنك، علما أن هنالك قابلية أكبر في الجنوب للمنتجات الإسلامية، وضمن إستراتيجية البنك هناك إمكانية فتح فرع رقمي أو فتح فرع يشمل كل الخدمات التي تتوفر في الفروع القائمة في وهران أو قسنطينة، ويتم ذلك على ضوء دراسة جدوى ودراسة سوق. ومعلوم أن السياسة المعتمدة في بلادنا ترتكز على تشجيع توسيع دائرة الرقمنة واستخدامات البطاقات المصرفية ولامادية التعاملات، ونحن ننخرط في نفس هذه السياسة وسنوظف خبرتنا كبنك إسلامي ينتمي إلى أحد أكبر المجموعات البنكية العالمية.
ما هي طبيعة التحديات التي تواجهونها في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، خاصة أنه كانت هناك بعض الكوابح في مجال الأطر التنظيمية والتشريعية، لاسيما في قانون القرض والنقد بخصوص هامش الربح المخفض الذي تم تجاوزه؟
القوانين الحالية أعطت دفعة كبيرة للبنوك الإسلامية وسمحت لنا بأن ننافس البنوك التقليدية في هوامش الربح، وهو ما يجعلنا نطور مجال التمويلات، لاسيما تمويلات الأفراد. حاليا لم يحدث تغيير في تمويلات الشركات والمؤسسات لكن بالنسبة للأفراد نسجل أن هناك في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرا من قبل الأفراد لكي يتمكنوا من الحصول على هذه القروض المدعمة والحكومة والدولة مشكورة على كل ما تساهم فيه لإرضاء الفرد الجزائري وعن طريقه البنوك الإسلامية، وهنالك نصوص أخرى ستصدر في غضون 2025، من بينها الصكوك التي تمثل أداة تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ما يسمح بجذب واستقطاب شريحة واسعة من المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في أدوات مالية متوافقة مع المبادئ الإسلامية، كما أنها أداة مالية مبتكرة تتماشى مع الأسواق المالية التقليدية، ما يعزز من تنوع الأدوات المالية المتاحة في السوق ويزيد من القدرة على تلبية احتياجات المستثمرين بمختلف توجهاتهم. هناك منتج آخر بصدد التحضير هو الاستثمار بالوكالة الذي يعد عقدا يفوض فيه المستثمر (الموكل) جهة مالية أو مصرفية (الوكيل) لاستثمار أمواله نيابة عنه، وفقا لشروط محددة يتفق عليها الطرفان.
يُعد هذا النوع من الاستثمار متوافقا مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث يتقاضى الوكيل أجرا محددا مقابل إدارته للاستثمار دون اشتراط عائد ثابت للمستثمر، ونعمل مع كل السلطات، لاسيما البنك المركزي الجزائري والمجلس الإسلامي الأعلى وكل المتدخلين، ليتم إخراج هذا المنتج في أقرب الآجال.
وماذا عن الإجراءات المعتمدة من قبل البنك لضمان الامتثال للمعايير الشرعية في جميع العمليات، خاصة أن هناك ضوابط يعتمدها البنك منذ فترة طويلة للامتثال للمعايير الشرعية في جميع العمليات وحتى في المنتجات التي يقدمها البنك؟
في كل عام يتم اقتطاع موارد من البنك توضع في صندوق الخيرات، وهي عبارة عن عمليات فيها شك شرعي ولا نقول لا شرعية لكن فيها شك شرعي، ومن ثم نريد أن نظهر للمستهلك أن البنك لديه ضوابط شرعية محددة وغير قابلة للتفاوض، وهذا المال الذي يذهب إلى صندوق الخيرات تستفيد منه كل شرائح المجتمع الفقير، حيث يعمل البنك لجعل هذه الفئات تستفيد من هذا الأموال وهي مبالغ معتبرة، فالبنك ينتمي أولا وأخيرا إلى المجتمع الجزائري، وهو دائما في خدمة هذا المجتمع بطريقة أو بأخرى لكي نطور الاستثمار ونرافق المتعاملين الاقتصاديين ومن جهة أخرى المساهمة في رفع الغبن عن فئات كثيرة من الفقراء والمساكين، كما أن بنك البركة يمتلك هيئة رقابة شرعية مكونة من علماء وخبراء في الفقه الإسلامي والمالية، تضمن أن جميع منتجات وخدمات البنك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
بالنسبة للخدمات المطلوبة من قبل المتعامل أو الوكيل هناك قروض السيارات وقروض السكن، هناك أولا إطلاق بطريقة محدودة بالنظر للوضع الحالي المتعلق بسوق السيارات، وهي قروض خاصة موجهة للمؤسسات، أما بالنسبة للسكن فهناك توسيع وتنويع للعروض أو الخدمات المقدمة بما فيها قرض التهيئة، هل من المتوقع أن يكون هناك توسيع في السنة الجديدة لمثل هذه القروض المطلوبة؟
نحن رهن إشارة السلطات وفي الانتظار بخصوص قروض السيارات، علما أنه في وقت مضى كان البنك رائدا استحوذ على نحو 50 إلى 60 بالمائة من مجمل قروض السيارات في الجزائر، ولدينا تجربة في المجال، هذا الأمر غير مرتبط بالبنك كبنك، حيث كانت هناك اتفاقية موقعة مع مجموعة "ستيلانتيس" الشركة الأم لعلامة "فيات" ونحن في انتظار إشارة السلطات وإشارة "فيات" مع تصنيع المركبات، بالمقابل فإن كل ما هو قروض استهلاكية وعقارية فإن البنك دائما يساير كل ما يطلبه الفرد الجزائري، وكلنا جاهزون ومؤهلون لكي نعطي للفرد الجزائري ما يطلبه من قروض.