تعليمة للمحكمة العليا تستنفر اتحاد المحامين

38serv

+ -

أثارت تعليمة للرئيس الأول للمحكمة العليا، موجهة إلى رئيس غرفة الجنح والمخالفات ورؤساء الأقسام، مؤخرا، وتتضمن "رفض الطعون في الشكل بناء على قائمة تتضمن 57 حالة"، جدلا كبيرا في أوساط أسرة الدفاع والمتقاضين، والمهتمين بالشأن القضائي، وقادت إلى برمجة لقاء لأعضاء مجلس الاتحاد الوطني للمحامين، مع المسؤول الأول لأعلى هيئة في القضاء العادي، الطاهر مأموني، غدا السبت، بحسب مراسلة وجهها نقيب المحامين لنقباء منظمات النواحي منذ أسبوع.

وحث النقيب الوطني، إبراهيم طايري، نقباء منظمات المحامين الموزعة عبر القطر الوطني، على "جمع الانشغالات وتحضير القرارات المشابهة لمناقشتها مع أعضاء مجلس الاتحاد والمحكمة العليا، داعيا زملاءه لحضور الاجتماع، الذي يبدو أنه سيكون "جدليا" ومتضمنا للعديد من القضايا الخلافية بين "الشركاء"، بالنظر إلى تداول قراءات تتحدث عن أن الخطوة أثرت على مهام المحامين ومست بحقوق المتقاضين بصفة عامة.

وفي اتصال مع "الخبر"، اليوم، ذكر النقيب الوطني للمحامين، أن الاتحاد ذاهب إلى اللقاء بمطلب ضرورة إلغاء التعليمة أو تعديلها، بما يضمن حقوق المتقاضين ومهام المحامين وحتى حقوق النيابة العامة، بوصفها ممثلا للحق العام الذي تأثر بالتعليمة، مشيرا إلى أن الوثيقة أعاقت وأجهضت مسعى الوصول إلى العدالة الذي يعمل من أجله الجميع، وأخضعت الطعون بالنقض تحت رحمة الإعلام الآلي والمستشار المقرر بشكل آلي، وخارج المعايير القانونية الواضحة.

وفي التفاصيل، انطلقت التعليمة رقم 960/24 المثيرة لتوجس ومخاوف هيئة الدفاع، المدرجة تحت عنوان "سير العمل بغرفة الجنح والمخالفات"، من "الإحصائيات السنوية لغرفة الجنح والمخالفات بالمحكمة العليا ومعاينة صدور عدد كبير من القرارات الفاصلة في الشكل الذي نتج عنه تأخير في دراسة الطعون المحالة على الغرفة"، مشيرة إلى أن ذلك يأتي "في إطار تنفيذ مشروع رقمنة المحكمة العليا".

وبناء على هذا التشخيص، تابعت التعليمة بالقول: "وعليه تداركا لهذه الوضعية، سيتم العمل، ابتداء من شهر سبتمبر 2024، في كل الأقسام، بتطبيقة الأوامر الخاصة بالشكل"، مفصلة في الحالات التي ترفض في القضايا شكلا تلقائيا بهذه الآلية، الأمر الذي لم يستسغه المحامون على ما يبدو، واعتبروه ترشيح كل الطعون بالنقض للرفض شكلا بمجرد رصد أسباب بسيطة جدا، كعدم ذكر موطن أو ما شبه، بالإضافة إلى اختزال جهة التقاضي من تشكيلة خماسية إلى شخص واحد وإلى إعلام آلي، بتعبير نقيب المحامين.

 وعددت التعليمة57  حالة تتعلق بـ"عدم جواز الطعن وعدم قابلية الطعن وعدم قبول الطعن شكلا"، وشرحت آلية التعامل مع هذه الحالات إجرائيا، موضحة أن هذه التطبيقة "تسمح بإصدار أوامر في ملفات عدم قبول الطعن على مستوى الأقسام".

وطريقة العمل بها، تضيف الوثيقة، تتمثل في قيام المستشار المقرر بتحديد القضية بأنها من بين الحالات المذكورة في القائمة، ثم تسجيلها في التطبيقة، في حين إذا كانت الحالات غير المذكورة في القائمة وتتطلب التداول بشأنها، ينبغي عليه، أي المستشار المقرر، الحصول على موافقة رئيس القسم قبل تسجيلها.

وبعد تقديم النيابة العامة طلباتها، يشير المصدر نفسه، يقوم أمين الضبط بتسجيل الأمر وطبعه، ويتم توقيعه من قبل رئيس القسم. أما في الحالات الأخرى لعدم قبول الطعن غير المذكورة ضمن القائمة، تقول التعليمة، فإنه "يتم الفصل فيها بقرار، على أن يبلغ رئيس الغرفة لإدراجه ضمن التطبيقة"، وبدت الحالات متعلقة أساسا بكل الأخطاء أو الوضعيات التي تؤدي إلى رفض الطعون بالنقض شكلا، من دون استثناء، كالأخطاء في التبليغات وضوابطها، وذكر الأطراف بصفاتهما وعناوينها وموطنها وغيرها، وهو ما تعتبره المحكمة العليا حلا جذريا لربح الوقت والجهد، وللتقليل من عدد الطعون بالنقض المتراكمة أمام القضاة، خلافا لما كان معمولا به سابقا، حيث كان القضاة يتجاوزون بعض الأخطاء أو الوضعيات.

في حين أن المسألة في تصور نقيب المحامين، فهي "مبالغة وغلو في التعاطي مع الطعون بالنقض من الناحية الشكلية، كون هناك حالات كان القضاء في الماضي القريب يغض الطرف عنها ويمر لمعالجة القضايا من حيث الموضوع".

ويذهب النقيب إلى أبعد من ذلك، بالقول إن القضاء "لا يسير بالتعليمات الإدارية وإنما بالقوانين، وفي حالة وجود انسدادات، يتعين العودة إلى الغرف المجتمعة"، واصفا الأمر بالخطير وبالسابقة في تاريخ القضاء الجزائري، مبديا أسفه عن عدم توسيع مساحة المناقشة مع هيئة الدفاع.

ويترقب المتابعون للشأن القضائي مخرجات هذا اللقاء باهتمام كبير، ومآلات المسألة، لما لها من تأثيرات على عمل الدفاع على مستوى الدرجة الثالثة للتقاضي العادي.