38serv
أصبحت المؤسسات الناشئة قاطرة للتنمية في الجزائر الجديدة، بفضل سياسات وآليات المرافقة والدعم من أجل مضاعفة عددها وتطوير نشاطها لريادة الأعمال في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية.
تسعى الحكومة لتطوير المؤسسات الناشئة ودعم المؤسسات المصغرة من أجل مسايرة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية وتطوير الاقتصاد الوطني، حيث ألزمت عدة قطاعات بتبني استراتيجيات مشتركة لإنشاء هذه المؤسسات وتعزيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال تشجيع الشباب على خلق هذه المؤسسات بتعزيز روح المبادرة وتبني حلول مبتكرة تجعل من المقاولاتية ركيزة أساسية لاقتصاد وطني قوي ومتنوع، وضمان النمو الاقتصادي في عدة قطاعات بتحويل الأفكار والمهارات إلى مؤسسات ناجحة ومتطورة.
وتضمنت هذه الإستراتيجية إقرار إصلاحات هيكلية في عدد من الآليات لتصحيح مسارها وضمان فعالية أكبر لبرنامجها، ومن ذلك جهاز دعم وتشغيل الشباب "أونساج"، الذي أصبح دعم وتنمية المقاولاتية "ناسدا"، من أجل تشجيع الابتكار والمقاولاتية لدى حاملي المشاريع من طرف الشباب ومرافقتهم وتكوينهم قصد تمويلهم وفق أطر تسمح بمضاعفة فرص النجاح لإنشاء مؤسسة مصغرة وتوسيع نشاطها.
وقد شهدت المؤسسات الناشئة في بلادنا تطورا ملحوظا جعل منها قطاعا واعدا بفضل جملة من التدابير المتخذة من طرف السلطات العليا والنصوص التشريعية التي تم اعتمادها لدعم ومرافقة هذا المجال، في ظل رؤية رئيس الجمهورية لبلوغ 20 ألف مؤسسة ناشئة بحلول سنة 2030، ما أعطى دفعا قويا لإنشاء نظام بيئي مقاولاتي مبني على المبادرة والابتكار والمعرفة، وحفز الكثير من الشباب على الانخراط في رحلة المقاولاتية حتى قبل حصولهم على الشهادة الجامعية، من خلال تحفيز الطلبة على خلق مؤسسات ناشئة وتبني علامة ووسم "مشروع مبتكر" في مشاريع التخرج وشهادة براءة اختراع، وإقرار المقاول الذاتي لتعزيز روح المقاولاتية وتسهيل ولوج الشباب أصحاب نشاطات مربحة إلى سوق العمل الرسمي من أجل ضمان التغطية الاجتماعية وتجنب السوق الموازية للإدماج في الاقتصاد الرسمي وتمكينهم من امتيازات ضريبية واجتماعية، وهو ما سمح بتسجيل أكثر من 10 آلاف مقاول ذاتي في ظرف وجيز.
من جهة أخرى تم إطلاق 134 مركزا لتطوير المقاولاتية بالجامعات و190 مركزا بمعاهد التكوين المهني بمجموع 324 مركزا لمرافقة أصحاب وحاملي المشاريع، وتمكينهم من بلورة الفكرة إلى إنشاء المؤسسة في سياق تحسين وتكوين المقاولاتية وتحويل المهارات والعلوم المكتسبة بمراكز التكوين المهني والمؤسسات الجامعية إلى مشاريع اقتصادية مستدامة، مع ضمان الإرشاد والمرافقة والتأطير، مع بعث لجان انتقاء واعتماد وتمويل المشاريع بعد تكوين أصحابها في هذه المراكز بتنويع فرص التمويل وإنشاء صندوق جزائري للابتكار ورفع رأسمال الصندوق الوطني لتمويل المؤسسات الناشئة.
كما تم مؤخرا إقرار توسيع وتنويع نشاط المؤسسة المصغرة وأصحاب المشاريع التي سبق واستفاد أصحابها من جهاز الوكالة لإنشاء نشاطهم وأصحاب المشاريع الذين أنشأوا نشاطهم خارج وكالة دعم وتطوير المقاولاتية، على غرار القرض المصغر والتأمين على البطالة وأيضا الفلاحين والحرفيين وأصحاب التراخيص وكذلك السجل التجاري، إضافة إلى تطوير النشاط الرئيسي أو النشاط الفرعي لإنشاء خط إنتاج جديد متطور لزيادة الإنتاج والتنوع واقتناء آلات جديدة لتحسين الكفاءة وجودة المنتجات واقتراح منتجات تكميلية بتنويع النشاط بمجال جديد مرتبط بالنشاط الحالي من أجل فتح أسواق جديدة أو مجالات غير تقليدية لزيادة فرص النجاح، من خلال إستراتيجية جديدة لتطوير دور المؤسسات المصغرة في التنمية الاقتصادية ومسايرة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية من أجل تعزيز بيئة ريادة الأعمال واقتراح برنامج "impact 70".
وقد بادرت وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة بتنظيم، خلال الصيف الماضي، رحلات دولية للشركات الناشئة نحو الصين الشعبية وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، تطبيقا لالتزام رئيس الجمهورية بتمكينها من اكتساب المعرفة والخبرة من أكبر الجامعات والشركات لتعزيز قدراتها الابتكارية وريادة الأعمال، حيث شمل هذا البرنامج 450 شركة ناشئة مبنية على التكنولوجيا والابتكار على دفعات لتجديد معارفها وتحسين أدائها وولوجها في الاقتصاد الوطني، كون الابتكار والمعرفة هما المحرك الأساسي للاقتصاد.
كما اقترحت الوزارة تعزيز هذه المقاولاتية في عدة قطاعات، على غرار قطاع الفلاحة في التكنولوجيا الفلاحية، لدعم الزراعات الإستراتيجية لأهمية هذا القطاع في التنمية الاقتصادية، وكذلك في الخدمات مثل النقل، وأيضا في الصناعة والإنتاج الصيدلاني بربط جسور التعاون بين رواد الأعمال والمستثمرين، من خلال تكثيف المعارض والصالونات والمؤتمرات الدولية، على غرار المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة، التي أبرزت أن الجزائر أصبحت مثالا يقتدى به على الصعيد الإفريقي من طرف العديد من الدول التي أشادت بالديناميكية التي تعتمدها الجزائر في السنوات الأخيرة لخلق وتطوير المؤسسات الناشئة والأهمية التي توليها السلطات لحاملي الأفكار والمشاريع المبتكرة والمؤسسات الناشئة، في سياق تنشيط نظام بيئي للمقاولاتية الناجحة، لاسيما بعد ترسيخ رقمنة الخدمات للتكفل بالحلول المبتكرة واحتياجات النشاطات التنموية المندرجة ضمن أولويات الحكومة.