محطات تحلية مياه البحر.. حقيقة بأياد جزائرية

+ -

قطعت الجزائر أشواطا كبيرة في تحقيق أمنها المائي ضمن الاستراتيجية المتكاملة التي كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية تمر عبر تحلية مياه البحر وتصفية المياه المستعملة وترشيد الاستهلاك.

وشهدت سنة 2024 استلام 5 محطات لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاجية يومية مقدرة بـ300 ألف متر مكعب في اليوم، كما تم استلام مجموعة من السدود على غرار سد كاف الدير بتيبازة بقدرة استيعابية تقدر بـ135 مليون متر مكعب وسد بوزينة بباتنة. وتعول الجزائر على الوصول إلى 95 سدا كبيرا في آفاق 2030 بحجم تخزين إجمالي يصل إلى 12 مليار متر مكعب.

شهدت سنة 2024 حصيلة معتبرة في مجال تجسيد الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الأمن المائي، حيث تم استلام 5 محطات لتحلية مياه البحر التي كان قد وعد بها الرئيس وعدد من السدود وتسطير وتنفيذ برامج خاصة بإنجاز عدد آخر من السدود والمحطات وإعادة تأهيل وتوسيع كل أنظمة تصفية المياه المستعملة الموجودة عبر الوطن ضمن خطة عمل بـ155 مليار دج، نص عليها مجلس الوزراء المنعقد في 14 نوفمبر من العام الماضي.

وتواصل الجزائر العمل من خلال استراتيجيتها للأمن المائي على ثلاثة محاور رئيسية تمر عبر تحلية مياه البحر وتصفية المياه المستعملة وترشيد الاستهلاك، حيث يكتسي الأمن المائي في الجزائر طابعا استراتيجيا في مسار التنمية الشاملة للبلاد، لارتباطها الوثيق بالتنمية المستدامة، في ظل شح التساقطات المطرية وتأثيرات التغيرات المناخية، وتحمل هذه الاستراتيجية نظرة استشرافية لإدارة الموارد المائية بشكل فعال ومستدام.

وتعمل الجزائر في استراتيجيتها للأمن المائي على موارد مائية غير تقليدية ضمن مزيج من الحلول التي وعد بها الرئيس عبد المجيد تبون وبوشر تجسيدها للتخفيف من ظاهرة شح المياه، بحكم موقعها الجغرافي الذي يجعلها، على غرار باقي المنطقة المتوسطية، معرضة لتداعيات التغيرات المناخية، لاسيما نقص التساقطات المطرية، الذي أدى إلى تراجع مخزون السدود، وذلك ضمن خطة عمل واضحة المعالم، تعتمد أساسا على تحلية مياه البحر لتأمين تزويد الساكنة بماء الشرب، موازاة مع إعادة استعمال المياه المستعملة المصفاة في مختلف القطاعات ووضع خارطة مائية تحدد مقدرات الجزائر من المياه الجوفية وتوزيعها.

ويعمل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال برنامجه الذي يمتد بين 2025 و2030 لتحقيق الأمن المائي للجزائر، على تعميم محطات تحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي للوطن، مكافحة تبذير وتبديد المياه وإعادة رسكلة المياه المستعملة لاستخدامها في المجال الزراعي والصناعي، ويتم تجسيد ذلك من خلال وضع خارطة مائية تحدد بدقة المقدرات المائية الجوفية للجزائر وتوزيعها، إتمام المخطط الوطني لتعميم إنشاء محطات تحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي، لمواجهة أزمة الجفاف، بناء السدود المائية بشكل مدروس لتغطية العجز في مناطق التذبذب، وكذا ربط السدود ضمن شبكة وطنية من أجل توازن في التوزيع وتزويد المواطنين بالماء الشروب بشكل مستمر ومستقر كسياسة استباقية ورفع قدرات السدود من المياه، من خلال عمليات للتهيئة والتطوير، وكذا استغلال مياه الأمطار بشكل علمي ناجع وتعزيز العمل بتقنية استرجاع المياه المستعملة بهدف استغلالها في مختلف القطاعات.

 

استلام خمس محطات لتحلية مياه البحر

 

كشف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن دخول محطات تحلية مياه البحر الخمس المنجزة في وقت قياسي بسواعد جزائرية مائة بالمائة في ولايات الطارف، بومرداس، بجاية، تيبازة ووهران، دخولها العمل تدريجيا شهر فيفري المقبل بقدرة إنتاجية اجمالية يومية تقدر بـ1.5 مليون متر مكعب، وهذا بعد أن اتخذت الجزائر تحلية مياه البحر خيارا استراتيجيا لتحقيق الأمن المائي.

وكانت الجزائر أنجزت في البرنامج الأول 11 محطة بقدرة إنتاج 2.1 مليون متر مكعب يوميا، ثم سطرت برنامجا استعجاليا لإنجاز 3 محطات أخرى، وبعد استكمال البرنامج التكميلي لخمس محطات جديدة ستدخل الخدمة بداية 2025. وستصل نسبة تزويد المواطن بالماء الشروب بفضل هذه المحطات إلى 42% بداية 2025 وإلى 60% في غضون سنة 2030، وبذلك تكون الجزائر قد قطعت أشواطا كبيرة في مجال تحلية مياه البحر. فبعد أن كانت البداية بالاستعانة بشركاء أجانب لإنجاز، استغلال وصيانة محطات التحلية، ستكون المحطات الخمس الجديدة جزائرية مائة بالمائة، وقد شرع في استلامها نهاية السنة الجارية في آجال قياسية وصلت 25 شهرا، وذلك على مستوى ولايات الطارف، بومرداس، بجاية، تيبازة ووهران بقدرة إنتاجية إجمالية تصل إلى 300 ألف متر مكعب في اليوم، بغلاف مالي يتراوح بين 2.2 و2.4 مليار دولار.

كما تم تسطير 7 مشاريع مستقبلية من قبل مجمع سوناطراك ليصل العدد الإجمالي إلى 27 مشروعا على مستوى كل الشريط الساحلي للبلاد، ستزود المواطنين باستمرار بهذه المادة الحيوية.

ولكون تكلفة هذه المشاريع باهظة جدا بدأت الجزائر تستثمر في إنتاج المعدات الخاصة بهذه المحطات وصيانتها من قبل شركات جزائرية وأخرى بالشراكة مع متعاملين أجانب، كما بدأ مجمع سوناطراك، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتنفيذ مخطط تكويني مع الجامعات ومؤسسات التكوين المهني لتزويد هذه المحطات بيد عاملة جزائرية مؤهلة.

وفي السياق، كشف الوزير طه دربال، خلال أشغال يوم برلماني حول "تحلية مياه البحر كخيار إستراتيجي للدولة.. إنجازات وتحديات"، أن المرحلة الثانية من البرنامج الذي تم إطلاقه بأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تتضمن إنجاز 6 محطات أخرى لتحلية مياه البحر، إلى جانب المحطات الخمس التي يتم إنجازها حاليا بنفس حجم الإنتاج اليومي، المقدر بـ300 ألف متر مكعب، وذلك بكل من تلمسان ومستغانم والشلف وتيزي وزو وجيجل وسكيكدة، بالإضافة إلى محطة متوسطة بـ"تامدة أوقمون" بتيزي وزو بقدرة إنتاج تعادل 60 ألف متر مكعب في اليوم.

وأكد الوزير أن هذه المشاريع تنجز بسواعد جزائرية في كل مراحلها، بعدما كانت حكرا في الماضي على المؤسسات الأجنبية. وأضاف أن هذه المحطات تهدف إلى تأمين تموين ساكنة الولايات الساحلية بالماء الشروب، ويمتد التموين إلى بعض الولايات التي تقع على بعد 150 كلم عن مصدر إنتاج هذه المياه، وفور دخول هذه المحطات حيز الخدمة، سيتم تخفيض نسبة الاعتماد على المياه التقليدية (السطحية والجوفية) لصالح المياه المحلاة، على أن يتم إعادة توجيه المياه التقليدية لاستعمالات أخرى كالفلاحة والصناعة أو الاحتفاظ بها كمخزون استراتيجي، لترتفع نسبة الاعتماد على مياه البحر المحلاة إلى حدود 42% في المرحلة الأولى، مقارنة بالنسبة الحالية التي لا تصل إلا إلى 20%.

كما سترتفع نسبة الاعتماد على المياه المحلاة عند الانتهاء من المرحلة الثانية من برنامج إنجاز محطات تحلية مياه البحر إلى حدود 60%، حسب الوزير الذي أكد أن خيار تحلية مياه البحر يعد ضمانا للأمن المائي للوطن، باعتباره إحدى ركائز السيادة الوطنية، ومنه ضمان الأمن الغذائي عبر توجيه المياه التقليدية السطحية والجوفية، لاسيما إلى قطاع الفلاحة.

 

كلمات دلالية: